شبكة اخبار الجنوب - شعر - معاذ الجنيد -
طفولـــــــة بالمــــزاد
شعر: معاذ محمد الجنيد
أضاعــوا صِبا عُمـري ولــون بهائي *** وبِِسمكَ يا ربّي حُرمــــتُ هنائـــــي
وداسوا على حلمي البريء وعالمي *** الطفوليِّ واتهمــوا بـذاكَ قضائـــي
أأُظلـــمُ يا أمي وأنـتِ عليمــــــــــــةٌ *** وتســــودُّ أيامي وأنـــتِ ضيائـــــي
وأُتركُ في عمــــــرٍ أرى فيه حاجتي *** لأمي تضاهـــــي حاجتي لهوائــــي
أيُقطفنَ أزهاري وهُنَّ براعـــــــــم ٌ؟ *** أيبصقني بالـــــــــداء ثغــــرُ دوائي
تضـــاءلَ لونيِ قبـل لــــون ملابسي *** وباليةً أصبحـــتُ قبـــل حِذائــــــــي
صغـــيرة أهلي كنتُ يا دهرُ ما جرى *** بأهلي فباعـــــــــوني على الغرباءِ
أنا طفلـــةٌ تحيا بغــــــــير طفولـــــةٍ *** ضحية تاريخٍ من الأخطــــــــــــــاءِ
حياتي عــذابٌ في عــــذابٍ وقصتي *** نسيــــجٌ من الأهــــــــوال والأرزاء
تزوجني وحشٌ فويـح صغـــــــــيرةٍ *** تُصارع مثلي المــــوتَ وهي ترائي
فلا والــــدي يدري بحجـم مصيبتـي *** ولا سَمعتْ أمـي الحنونُ ندائـــــــي
ولا منْ يُنــادي لا تخــافي وتحــزني *** وما من سريٍّ غير فيض بكائــــي
أحنُّ لحضـــنٍ دافــــئٍ كــي يضمني *** فيلتـــــــفُّ حولي إخطبـــوطُ عنائي
كـأنَّ لظى الإسفلــت ذات ظهــــــيرةٍ *** سريري.. وجدران السجون رِدائي
كأنَّ الليالــي حـين زارت نوافـــــذي *** بشُبَّاكها صُلِبـــتْ فطــــــالَ مسائي
طموحي بعُكـــــــازٍ وثـوبٍ مُقطَّـــــعٍ *** تأبط يومَ غَــــدي ونـــــــامَ ورائـي
أُفتشُ عن فجري كفاقــدة ابنهــــــــا *** وأجري من الظلمـاء للظلمــــــــاء
وأبحثُ عن كُرَّاستي وحقيبتــــــــــي *** وعن لُعبة الأرقـامِ والأسمـــــــــاءِ
أفتش حتى عــــــن ســـــراب وراءه *** سأوهِـــــمُ نفســي أن ذلك مائــــي
ودُبِّي الصغير الكانَ يغفـــــو بجانبي *** وأُصغي لِمـا يحكيـــــه بالإيمـــــاءِ
لِدُبٍّ حقيقيِّ تحــــــــوَّلَ مُرعبـــــــــاً *** يُطاردني في الصحـو والإغفــــــاءِ
وأصبحَ ثوبــــي المدرسيُّ عبـــــاءةً *** تلفُّ مآسي الدهر تحـت غِطائــــي
أنا طفلـــــةُ الآلام منزوعة الصبــــا *** وكفَّـــةُ مــــاءٍ قد أضعــــــتُ إنائـي
تُباشرني الحســـــراتُ كل عشيـــــةٍ *** فأصحو من الإغمـاء للإغمــــــــاءِ
ويمتصُّني الصمــــتُ المُريعُ تسـاؤلاً *** كزوبعـــــةٍ تسعــى إلى إلغائـــــــي
كأني بحمل الحــزن أُخفي فضيحـــةً *** أواريه مثل الطفــــــل فـي أحشائي
فأضحكُ إمَّا صِنعــــــــــةً أو تكلفــــاً *** وأبكي ودمعــــي شاعــــرٌ تِلقائـــي
كسنبلةٍ بالهـــمِّ مُثقلـــــــــــةٌ أنــــــا *** فللنــــاس ما أُعطي ولــي إعيائـــي
وفي الحائط الشرقيِّ معروضةٌ أنـــا *** لكـــــل جبـــانٍ راغــــبٍ بشرائـــي
تحالـــــــفَ قومٌ لاغتيـــــال براءتـي *** ووُظِّــــف دِينٌ لاغتصــــاب نقائــي
فنفسي على نفسي تمـــوتُ توجعــاً *** وتحـــــــــزنُ أشيائي على أشيائـي
جميع الأيــــــــادي رتَّبت لانتكاستي *** وظلمــــــــاً أباحتْ للذئـــاب دمائـي
وألقتْ بسرداب الزمـــــــان قضيتـي *** وحرَّضتْ الآتي علــى إقصائـــــــي
فهل وقفَ الإسلامُ ضـِدَّ طفولتـــــي؟ *** وماتَ بباب الله صــــــوتُ رجائــي
تزوجني ظلمـــاً أتُمنح طفلــــــــــــةٌ *** لغــــــــــولٍ يُبعثرهـــــا إلى أشـلاءِ
أما كنتُ أُدعى قُرَّة العين يا أبـــــي؟ *** بذُلِّي تقــرُّ العـــــــــينُ أم بعنائــي؟
أبي.. إن صدراً غير صدرك ضمنـي *** وكان معــي أأذى من الإيـــــــــذاءِ
يُجرِّبُ في جسمي شجاعتـــهُ ومــــا *** يقوم بما سَــــــوَّي سِوى الضعفاءِ
كأنْ لمْ يدعْ في الله حقـــاً مُضيَّعـــــاً *** ورُكناً ومـــــــــــا أدّاهُ خـــــيرَ أداءِ
ولم يبق شيءٌ غير فـــــضّ بكارتـي *** ويكتملُ الإســـــــــــــلام في إنهائـي
أبي..إنَّ فاتحةً بعقـــدي قرأتهَــــــــا *** أظُنهـــــا لا تُلقى على الأحيــــــــاءِ
فها أنت ذا من بعــــد عرسي تعيدها *** لروحي وتتلوهــا بيـــــــوم عزائي
وما خِلتُ أني قد أواجـــــه ليلــــــــةً *** بها يشتكي الأبنــــــاءُ بالآبـــــــــاء
تعطَّلت الأيـــــامُ قبــل انقضائهـــــــا *** وعقد نِكاحي كـان عقد فنائـــــــــي
Moad.algoned@yahoo.com