د - علي مطهر العثربي - شبكة اخبار الجنوب -
كان بعض المحللين السياسيين للمشهد اليمني يرون أن القبيلة اليمنية ركن من أركان الشر الذي يهدد الأمن والاستقرار ويؤثر على أداء الدولة وتنفيذها لمهامها السياسية بشكل سلبي ، وكنت كباحث في العلوم السياسية أرى غير ذلك ، بل أشرت في معظم الأبحاث أن القبيلة عبر مراحل التاريخ كانت السند القوي لحماية الشرعية للدولة ولم تخرج عن هذا الإطار، وكانت أعرافها وأسلافها تصب في هذا الاتجاه الحضاري الإنساني الذي أسهم إسهاماً فعالاً في بناء الحضارة الإنسانية منذ فجر التاريخ قديمه ومعاصره.
لقد كان بالمقابل يطرح المحللون السياسيون أن الحزبية والتعددية السياسية أعلى درجات التمرد ، وأنها تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار وكنت في بداية التسعينيات أعارض هذا الاتجاه وهذا الاعتقاد حتى صار واقعاً مؤلماً في بلادنا، ولنا اليوم كباحثين سياسيين وقانونيين أن نحدث عن الصورة المشرقة والحضارية للقبيلة من خلال مشهد كوكبة الشرفاء من القبائل التي جاءت من سنحان وبني بهلول بمثابة الوجاهة والوساطة رافعة الراية البيضاء إلى موقع الفرقة في العاصمة صنعاء دون أن يحمل احد منهم قطعة سلاح أو حتى عصا، والهدف هو رأب الصدع ومراجعة أخ لهم بحق الله والأخوة والقرابة والصداقة والزمالة من أجل حقن الدماء وإخراج البلاد من الأزمة المفتعلة ونقارن هذه الصورة الإنسانية للقبيلة بالصورة الدموية التي قوبلت بها .. أين صورة الأحزاب التي كان البعض يرى بأنها تحمل المدنية والسلم الاجتماعي، وستجد أن الحزبية والقائمة على التعبئة العدوانية لا تمثل الصورة المدنية مطلقاً ، بل إنها صورة الإجرام والعنف واستخدام أبشع الوسائل لتفجير الأوضاع وتدمير البلاد والعباد، وبذلك صورة المدنية التي نشدها البعض في الحزبية انتفت بهذه الجريمة الدموية ، وبقيت صورة القبيلة المشرقة التي مازالت تحمل راية السلام والمحبة والوئام والاعتصام بحبل الله سبحانه وتعالى.
إن مايحدث اليوم في الساحة اليمنية من سفك للدماء ونهب للأموال العامة والخاصة هو من أعظم الجرائم في تاريخ الإنسانية والسبب في ذلك التنشئة الحزبية القائمة على التعبئة العدوانية التي لم تعد تعترف بدين أو أخلاق أو قيم وطنية وإنسانية بقدر إيمانها بأن الغاية الشيطانية تبرر الوسيلة العدوانية أو هذا هو نهج أحزاب اللقاء المشترك ودعاة الفتن وصناع الأزمات وتجار الحروب الذين انخرطوا في الحزبية ، لأنهم وجدوا فيها غايتهم العدوانية ، فهل حان الوقت لتدارك الخطر؟ نأمل ذلك بإذن الله.