يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الخميس, 16-سبتمبر-2010
شبكة أخبار الجنوب - د - سعاد سالم السبع د - سعاد سالم السبع - شبكة اخبار الجنوب -
شدّ انتباهي رجل كبير في السن نحيل الجسد، وجدته متكوراً على أحد سلالم إحدى الإدارات الحكومية الكبيرة حاملاً في يده كيساً مليئاً بالأوراق، تبدو عليه ملامح الإرهاق والمرض والقرف من رؤية الداخلين والخارجين من تلك الإدارة.
   اقتربت منه لأرى ماذا ينتظر، فرفع رأسه ليبادرني بالقول: «لا تتعبي نفسك وتتبهذلي في هذه الإدارة، عزّي نفسك، ما بك سخا، إذا عندك معاملة أرسلي ابنك أو زوجك - إن كان لك زوج - يلاحقها، هنا الموظفون منعدمو الرحمة، وليس لديهم ضمير، أنا من أول رمضان وأنا أتردد يومياً على هذا المكان، خرج رمضان وجاء الفطر ولم تنجز معاملتي، بيتي بعيد وأنا ضعيف، وعندي السكر والضغط، خسرت أكثر من (20) ألف ريال مواصلات، وكلما دخلت مكتباً من مكاتب الموظفين أمد لهم الورق يردوا عليّ: بكرة، الوقت متأخر، الموظف غائب، الموظف مشغول، الموظف في إجازة، الكهرباء طافي، الكمبيوتر عاطل، الموظف نسي مفتاح المكتب، الموظف مريض، الموظف راقد.. أنا أعامل لبنتي وملفها قانوني ومكتمل، ولكن ما عندي واسطة، ولا أملك ما أعطيه لهم رشوة يحركوا المعاملة، الموظفون هنا ظالمون ومنافقون وكذابون، وعندهم قدرة عجيبة على تعذيب البشر.. المهم تعبت من الطلوع والنزول في هذا المبنى الكبير، واللف على المكاتب، ويئست وما عاد معي إلا الدعاء عليهم في كل صلاة بأن يسلّط الله عليهم من لا يرحمهم، قولي آمين»!!.
 وبدأ الرجل العجوز يستند على عكازه ويهم بالانصراف، أبديت له استعدادي أن أحاول أنا معه تقديم ملفه، وأساعده لإكمال معاملته، لكنه أبى أن يسلّم ملفه لي، أو يعود معي إلى الإدارة، وهبّ في وجهي قائلاً: أنت تقدري تساعديني؟!! الله يستر عليك! عودي إلى بيتك أحسن لك!، وانصرف وفي عينيه نظرة سخرية واستضعاف بي وبجميع النساء.
 وعلى الرغم من عصبية الرجل العجوز معي؛ ومن انزعاجي من نظرته الدونية للمرأة، فقد شعرت أنه فعلاً يستحق الكتابة عنه، فقد تعرض لعنف وتعذيب نفسي وجسدي طويل الأمد من قبل موظفين لا شك أنهم مصابون بمرض السادية.
 والسادية مرض نفسي يتميز بنمط سلوكي وحشي كالاحتقار والعدوانية تجاه الآخرين دون مبرر، والتلذذ برؤيتهم يتعذبون، وكلما زاد ألم وعذاب المتعامل مع الساديين؛ زاد شعور الشخص السادي باللذة والفرح!!.
 وسميت السادية بهذا الاسم نسبة إلى الفرنسي «دي ساد» الذى كان يعيش في القرن الثامن عشر، وكان كاتباً ومؤلفاً؛ اتسمت كتاباته بوصف التعذيب، واتسم سلوكه الشخصي بالعنف وبخاصة مع النساء.
 والسادية مرض تبدأ مظاهره في مرحلته الأولى على بعض الأطفال؛ فعندما يتلذذ الطفل بتعذيب الحيوانات والطيور؛ فيمسك بالعصافير ويجرّدها من ريشها، ويقيد الحيوانات الأليفة، ويحاول قطع ذيلها ويحاول دائماً الجلوس على الحيوان وتعذيبه، ويمارس ذلك بفرحة ظاهرة على ملامحه؛ فكل ذلك يعني أن هذا الطفل سيكون سادياً إذا لم يعالج مبكراً!!.
 والمرحلة الثانية من المرض تظهر في «مرحلة البلوغ وما بعده» حيث يبدأ الشخص السادي يستخدم الوحشية أو العنف ليس مع الحيوانات بل مع البشر بهدف السيطرة والهيمنة، ويتعمد إهانة من يتعامل معه واحتقاره فى حضور آخرين، ويستمتع بمعاناة الآخرين نفسياًَ وجسدياً، ويتعمد الكذب من أجل إيذاء الآخرين لإجبارهم على القيام بعمل ما، وهذا ما يفعله بعض الموظفين الساديين حينما يماطلون في إنجاز معاملة الناس.
 الظروف المحيطة هي التي تساعد السادي على ممارسة السادية على الآخرين، وبخاصة إذا كان هذا الشخص مسئولاً عن خدمة من الخدمات العامة، ولا شك أن كثيراً منا تعامل مع نماذج من الساديين الذين تعلو ساديتهم وتهبط بقدر علو مكانتهم في السلم الوظيفي.
وإلى أن يتم تطبيق معايير تقويم الأداء، ومعايير انتقاء الموظفين الذين يتمتعون بشخصيات سوية في مؤسساتنا الحكومية بشفافية، أقترح على جميع الإدارات الحكومية أن تخصص في داخلها مكتباً لأخصائي نفسي، يتعهد الموظفين بالكشف الدوري على حالاتهم النفسية، ويتيح لهم فرصة الجلوس معه بين الحين والآخر للتنفيس عن مشكلاتهم والضغوط التي يعانون منها.
 فالأمر مهم وبخاصة للموظفين الذين يتعاملون مع المواطنين مباشرة حتى لا تتحول الضغوط النفسية التي يتعرضون لها إلى مظاهر سلوكية سادية يمارسونها ضد كل من يتعامل معهم من المواطنين.
 وإذا لم تتمكن الإدارات من تخصيص عيادة نفسية في كل مؤسسة، فعلى الأقل أن يخصص المسئول الأعلى في كل مؤسسة نصف ساعة يومياً لتلقي بلاغات المواطنين عن الموظفين المعرقلين والساديين في كل إدارة؛ لأن المواطن لم يعد عنده من القوة ما يمكنه من الصبر الطويل في ظل الغلاء وضيق الحالة الاقتصادية.
(*) أستاذ المناهج المشارك بكلية التربية ـ صنعاء
عضو الجمعية اليمنية للعلوم التربوية والنفسية
suadyemen@gmail.com
 
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)