أنا تجنبت... الطرقات التي ماعاد فيها ناس يثورون للأرض و الوطن وإنما لكسرة خبز...!!

أنا تجنبت... نسمات السحر بكل روحانياته الرمضانية حتى خيل لي بان الهواء قد توقف..!!

أنا تجنبت... كتاباتي التي كتبتها من  نزفك وأنت تحتضر على اسطر وريقاتي الناصعة البياض .

تجنبت.. العبث بذاكرة هاتفي خشية إن المح رقم إن لم يكن مطالبا، فهو طالباً..!!

تجنبت ... الفرح بقدوم رمضان الذي افقدنا جملة كبيرنا وصغيرنا، شيوخنا وشبابنا، نسائنا ورجالنا ...أن نحتضنه بلهفة بعد غياب طويل دام إحدى عشر شهراً، فلم يستطع إن يكسر حاجز الصمت والحيرة بيننا وبينه فهناك شيء مــا.. أرهقنا أرعبنا لدرجة رأينا فيها رمضان صغير جدا والخذلان كبير جدا ...!!

شيء مـــا... وقف حائل بيننا وبين شهر الإيمان فأصبح الأمر أصعب  بكثير من إن تزيل الغبار من زوايا قلبك المهجور طوال العام فتفتح  صفحات أغلفتها الأيام فتتقرب من الله أكثر فتقتلع جذور الشر فينا وننتصر على النفس الإمارة بالسوء.

شيء مــا... وقف حائل بيننا وبين قطعه خبز أو بطاطا مسلوقة نجعلها بداية مختلفة للاماكن قد نزورها لأول مرة ولكننا نفرح قلوب ساكنيها لتصبح الخبزه  ممتلئة بالسمن والبطاطا مغمسة بالصلصة

شيء مـا...أرعبنا منذ الليلة الأولى بعد إن اقسم بالله بأنه سيحمينا ولكنه مارس دور الثعلب في الغدر بنا، ودور الأفعى في اللدغ، ودور العقرب في القتل .

شيء مـا...  افقدنا الوقوف لطرق أبواب طال غيابنا عنها، ومصافحة أناس في أمس الحاجة إلى مصافحتنا، وأن نخفض جناح الذل للأحبة هم في أمس الحاجة ليستمدوا قوتهم منا في هذه الفترة بعد إن منحونا رحيق عمرهم ذات يوم .

شيء مـا... جعلنا ندور حول أنفسنا ... ونصدق بأننا ندور حوله

 جعلنا نتوقف والعالم يمضي من حولنا .. ونصدق بأننا نمضي خلفه..!! 

جعل قلوبنا مدمية وأرجلنا مدمية... ونصدق بأننا نمشي على بساط مخملي معه ..!!

جعلنا نُحقر عملتنا ونملئ جيوبنا منه..... ونصدق بأننا ملكنا الأمان به ..!!

فملعونٌ هو... وملعونة دروب الخطايا التي مضينا معه..!!

ملعونٌ هو... فقد سلب عقولنا قبل جيوبنا ،وسلب أخلاقنا ومبادئنا وقيمنا ..!!

ملعونٌ هو... فقد سرق الأمان من بيوتنا ،نسف تربيتنا لأولادنا بان القناعة كنز لا يفنى..!!

ملعونٌ هو... كم لعب في نضجنا،وتعبث  بوقارنا، وزخرف لنا الذنوب أحلام ، وتفنن  في عرض زبائنه التي دفعتنا إلى الطيش دفعا مقيتاً..!!

 فاصلة:

قال الرحال  صلاح عبد الصبور ( في العالم العربي الآن أدباء بلا أدب ، وفنانون بلا فن ، وكتاب أميون، ومعلقون سياسيون لايقرءون الصحف، ومجموعة تحمل راية التجديد، وتردد هتافات المستقبل، والحياة والشرف... ويرتكبون باسم كل هذه الأشياء اكبر الحماقات، هل هم يعرفون ماذا يفعلون..؟ وهل يقدرون الإساءة التي يلحقونها بالأدب والفكر والسياسة وبكل ماهو عظيم في الإنسان..؟  أم هم لا يعرفون إنهم يعبثون والدنيا من حولهم جد في جد ....؟)