يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الأربعاء, 14-يوليو-2010
شبكة أخبار الجنوب - الحيمة شبكة اخبار الجنوب - الجمهورية - جلال المحيا -
كانت تطفو على حوض مائي قبل 35 عاماً وحتى اليوم تضاءلت مياهها رويداً رويداً وتراجعت زراعة البن أمام شجرة القات ليعلو صوت القات (المعلي) في أسواق مدينة تعز كمنافس يضاهي سمعة قات (ماوية).. لم يعد للبن نكهة في الحيمة ولم يعد سوق الجملة بتعز على موعد مع شاحنات الخضروات والفواكه القادمة من حقول الحيمتين المنتجة لمختلف الحبوب أيضاً..
 إذاً فللحيمتين حساب مع ذاتها من ناحية ومع تعز المدينة من ناحية أخرى فمن خلال زيارتنا الاستطلاعية لها ولد هذا التحقيق :
التكوين الاجتماعي
- تقع منطقة الحيمة شمال محافظة تعز وتعد منطقة تماس بين محافظتي تعز وإب من ناحية الشمال فللدخول إلى الحيمة من تعز يمتد طريق إسفلتي كثير الالتواءات بطول حوالي (5) كيلو مترات من وسط شارع الستين في القصيبة.. وعند نهاية الإسفلت يستحيل دخول السيارات المنخفضة (التكاسي) إلى أودية وقرى الحيمة خاصة في مواسم الأمطار فالطريق ترابية متموجة انخفاضاً وارتفاعاً وطوال موسم الشتاء تحتفظ الطريق بشكلها الوعر المتموج، حتى إن أهالي الحيمتين البالغ عددهم (17.600) لا يعرفون إلا ركوب سيارات الشاص أو الصوالين القديمة للدخول أو الخروج من وإلى قراهم المكونة من دائرتين انتخابيتين (22) و(23).
أحدهم قال لي: كنا نتوسم من مرشحنا "فتحي توفيق عبدالرحيم" حث الجهات المعنية بتحسين الطريق وإخراج سد "اللصة" إلى حيز الوجود بعد تعثر طال أمده.
الماء على الحمير
- سأكون كاذباً إذا قلت بأن هدف زيارتي للحيمة كانت في مهمة استطلاعية بحتة، فالتنزه والتجوال الصيفي كان الهدف الأساس، ذلك لأني وربما الكثيرين ممن يشربون ماء الحيمة عبر مواسير مؤسسة المياه – كنت أرسم لمنازل قرى الحيمة صورة فنتازية في مخيلتي، كنت أتوقع أن منازل الأهالي بلا شك تنعم بماء وافر خاصة ميسوري الحال.. في اعتقاد مني بأن مايصلنا من الآبار المحيطة بهم ماهو إلى شيء فائض يزيد عن حاجتهم.. وفي ذلك اليوم فقط تجلت لي الحقيقة التي كنت أجهلها ويجهلها الكثيرون ممن لم يزوروا الحيمة وممن لم يقرؤوا هذه السطور، المهم وصلت إلى أشهر الآبار والأحواض المائية هناك، التقطت صوراً لمحطات الحيمة في منطقة العين  التي كانت قبل (20) عاماً أشبه ببحيرة ترسل الماء إلى الأودية صيفاً وشتاءً، وعند العودة سارت سيارة عبدالواسع على ماء غزير حوالي 4 هنش سألت فقيل هذا الماء يباع من إحدى آبار الأهالي وإلى مزارع أسفل منه بسعر الساعة المتفق بينهم.
عائمون وظامئون
في منزل الشيخ عبدالكريم علي العلواني عضو المجلس المحلي بمديرية التعزية رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية رأيتالعجب العجاب ينسف كل توقعاتي عن معيشة الناس في الحيمة، لقد توضأت في حمام “الشيخ” من دبب وآنية معدنية لا من ماسورة ماء ولاصنبور، قيل لي فيما بعد بأن الوضع مماثل في معظم المنازل بل وأسوأ من ذلك.
فالمنازل تتوزع على قرى تعتلي الوادي ومجرى السيول بما يتراوح بين ارتفاع “15ـ 30” متراً فقط ورغم ذلك عجزت محطات ومضخات آبار الحيمة عن ضخ المياه إلى منازل القرويين “34” بئراً حفرت على مدى “35” عاماً منذ “1973م” في أراضيهم لم تشفع لهم بعد وحسب كشوفات المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز “3” فقط من تلك الآبار الـ”34” لم تجف منها المياه فيما يجري الحفر حالياً في آبار جديدة في الحيمتين ومنطقة حبير “شرقاً وغرباً” وهذه الأخيرة تقع ضمن مديرية ذي السفال في محافظة إب وتحادد وتمتد من الحيمة بل وتتدحرج الحيمتين منها!.
وقد حفرت ستة آبار في حبير منذ العام “1995م” وحتى اليوم “2” منها جفت.
3000م3 والحمير في الحيمة
تشير بيانات إدارة الإنتاج في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز أن متوسط الطاقة الإنتاجية للثلاثة الآبار التي مازالت تضخ المياه من الحيمة تبلغ “3000”م3 يومياً من بين إجمالي “11.700”م3 من جميع آبار المؤسسة في محافظة تعز يومياً.
بمعنى أن ماترسله الحيمة إلى تعز من مياهها يشكل نسبة تتراوح بين “25ـ 35 %” من مصادر مياه مدينة تعز عبر المؤسسة وبصرف النظر فلا يزال أهالي الحيمتين يتساءلون: لماذا يصل الماء إلى مدينة تعز ولا يصل إلى معظم منازلهم؟ الإجابة على هذا السؤال لم تكن بالبساطة التي يتصورها البعض فالإجابة هي لب هذا التحقيق وهي القشة التي قصمت ظهر الحمير المنهكين في الحيمتين!.
توظيف أبناء الحيمة
كانت زيارتي للحيمة مع نهاية الشتاء المنصرم وبداية فصل الربيع فلم يكن الماء هناك على أحسن حال ولم يكن المهندس فؤاد الجابري مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز قد ألم بتفاصيل العمل بعد بضعة أيام من تعيينه هكذا قال لي عندما سألته لمعرفة الجواب وبعد حوالي شهرين هاتفته، قبل أسبوعين من نشر هذا التحقيق لحل لغز الحيمة لكنه فضل الالتقاء المباشر فلم أجده في مكتبه حسب الوعد المتفق لكنه وجه من دونه بمنحي هذه المعلومات.
استدعت الضرورة والحاجة لتوظيف فنيين لتشغيل آبار الحيمة من ذات أبنائها وكذا حراس للخزانات وللخطوط.
وللمحطة أيضاً ومع مرور السنوات الـ”35” منذ بداية حفر وتشغيل الآبار وإلى اليوم تزايد توظيف المزيد من أبناء الحيمتين حتى بلغوا اليوم حسب الكشوفات الإدارية “75” فنياً وحارساً ومشرفاً جميعهم من أبناء الحيمة ويعملون فيها أيضاً لمصلحة المؤسسة المحلية ولإرسال الماء بالتحديد إلى مدينة تعز لكن الشيخ عبدالكريم العلواني أكد بأن عدد العاملين الحاليين لايتجاوزون “15” لأن البقية تقاعد أو انتقل للعمل في فروع المؤسسة بتعز كما أن البعض منهم ـ حد قوله ـ محسوب على كشوفات الحيمة..وهو من أبناء “حبير” ذي السفال إب ولذلك فهو يلقي باللوم على المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي لعجزها عن حل مشاكل المضخات المعطلة المعنية بضخ المياه إلى قراهم في الحيمة وكذا إصلاح المواسير التي تتفجر بفعل الإهمال وغياب الصيانة.
وعدم التنسيق بين العاملين على تلك المضخات والأهالي للاستفادة من المياه في وقتها لكن الحاصل أن الماء يأتي إليهم ـ حد قوله ـ بدون الاستعداد والتأهب مما يؤدي إلى تفكك المواسير ومن بين الأسباب تذبذب قوة الضخ أيضاً.
وهذا ما أدى خلال السنوات الأخيرة إلى تدهور شبكة مواسير القرى ومضخاتها وبالتالي عودة الحمير مجدداً لنقل الماء إلى المنازل بسبب ارتفاع أسعار الوقود المشغل لمواطير المياه لدى الأهالي.
لا كهرباء
أما الكهرباء فحكايتها حكاية في الحيمة.. المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي ماتزال تمن على أهالي الحيمة بالكهرباء الواصلة إلى بعض قراهم قبل “12” عاماً بفضل خطوط الضغط الخاصة بها والواصلة إلى محطة الحيمة.
 لكن الأهالي ـ خلال زيارتنا للحيمة يشكون من حرمان غالبية القرى من الكهرباء لأسباب عدة أهمها غياب العدادات المنزلية والاكتفاء بعداد مركزي لكل قرية يتوزع أثناء ذلك المبلغ الإجمالي للاستهلاك على المنازل بالتقدير وهذا ما أسفر عن خلاف وعدم رضا البعض عن المبلغ المُقدر مما فاقم الخلاف وقطع التيار كلياً عن القرى لتركم المديونية حتى أن عضو محلي التعزية لديه ماطور كهرباء بالديزل حسب زيارتي لمنزله فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الـ “ غدر”!
هذا وقد كشف المهندس غازي عن صعوبة منح منازل الحيمة عدادات خلال السنوات الماضية لأن التيار الواصل إليهم يمر عبر عداد مركزي لمحطات مياه الحيمة وقراها ومسألة فرز استهلاك المحطات من الصعوبة بمكان حد قول مدير عام كهرباء تعز لكنه بشر عن قرب البدء بمشروع كهرباء بنحو “40” كيلو متراً طولياً خلال العام أو العامين القادمين حسب توجيهات فخامة الرئيس.
 عبء على المؤسسة
لنترك الكهرباء وشأنها ونرجع إلى موضوع الماء يقول مدير إدارة القوى البشرية في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي الأخ عمر عبدالعزيز الجنيد إن المحسوبين على المؤسسة في منطقة الحيمة غالبيتهم بلا فائدة ورواتبهم تشكل عبئاً فقط على المؤسسة وإذا ما حسبت مسألة إنفاق المؤسسة على رواتب لـ75 من هؤلاء مع باقي المستحقات من إضافي وعلاج و.. إلخ مع النفقات التشغيلية في آبار ومحطة الحيمة فبالتأكيد المؤسسة هي الخاسرة مقارنة بسعر تعريفة الماء لاسيما بعد قيام بعض الأهالي وربما المتواطئين معهم العام الماضي وخلال فترات من الأعوام الماضية بمحاولة “لي ذراع” المؤسسة أو الحكومة لتلبية مطالب خدمية مشروعة أو حتى مطالب غير مشروعة من خلال إتلاف مولدات بقيمة “22” مليون ريال ومواسير أيضاً ،أما بخصوص سعي المؤسسة لكسب ود الأهالي من خلال توظيف بعض أبنائها فيضرب مدير القوى العاملة بالمؤسسة مثالاً لتوظيف “11” حارساً لثلاث خزانات فقط فيما يمكن الاكتفاء بحارس فقط لكل خزان!
وظائف في الكشوفات فقط
 بين يدي كشوفات المشغلين بمنطقة الحيمة من أبنائها حسب ما تشير إليه الكشوفات ومدير إدارة القوى البشرية بالمؤسسة عمر الجنيد وفي الكشوفات يتضح أن حراس الخزانات وخطوط المواسير عددهم “41” حارساً من أبناء الحيمة إضافة إلى “ 27” موظفاً أو فنياً لتشغيل “34” بئراً جميعها جفت عدا “3” آبار فقط كما تنسب الكشوفات أسماء سبعة عاملين في محطة الحيمة إلى منطقة الحيمة وهكذا يصبح إجمالي المحسوبين على الحيمة في كشوفات التوظيف “75” في اليوم التالي ألقيت بالكشوفات بين يدي عضو مجلس محلي مديرية التعزية عبدالكريم علي فأمسك قلماً بين أنامله واستخرج سبعة عشر اسماً فقط من أبناء الحيمة يعملون فيها لمصلحة مشروع مياه الحيمة وأنكر عبدالكريم “58” اسماً منسوباً إلى الحيمة في الكشوفات مؤكداً أنه يعرفهم جميعاً من أبناء منطقة حبير “شرقاً وغرباً” المحاددة للحيمة والواقعة ضمن مديرية ذي السفال وعند إضافتنا الـ “58” هؤلاء إلى كشف آخر بأسماء “25” عاملاً وفنياً من أبناء حبير يصبح الناتج “83” من أبناء حبير في مقابل “17” فقط من أبناء الحيمة وهي جملة الأسماء الـ “100” في الكشوفات التي حصلنا عليها من المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز.. مالاحظه كاتب التحقيق بعينيه وما زاد الوضع سوءاً في الحيمة وهو الشيء الأهم نضوب آبار المياه لري حقول الأهالي حتى مضوا لشراء الماء من قراصنة الآبار لديهم بالساعات أو الوايتات أما الحمير فهي ضالة البسطاء في الحيمة لنقل المياه على ظهورها إلى منازلهم المتباعدة فمؤسسة المياه أراحتهم قبل بضعة أعوام من هذا العناء من خلال شبكة مواسير لكن تراخي الضبط الإداري والفني في المؤسسة لما أوقف استمرارية المشروع وصيانته ووقف سرقة شبكة المواسير في القرى.
مشكلة الكهرباء
وخلال إجراء هذا التحقيق التقينا الأخ ـ عبدالواسع علي العلواني المسئول عن الكهرباء في منطقة الحيمة فمضى يلخص أسباب غياب الكهرباء عن منازل القرويين فقال بأن مؤسسة الكهرباء بتعز لديها توجيهات من أيام المحافظ الحجري بصرف عدادات إلى كل منزل في الحيمة مقابل دفع خمسة آلاف ريال نقداً إلى المؤسسة وتقسيط عشرة آلاف لمدة عام تضاف مع الفواتير لكن التوجيهات لم تنفذ فظل الوضع كما هو عليه عداد مركزي لكل منزل تلقى رفض معظم الأهالي فيستدعي الأمر إلى فصل التيار عنهم وبالتالي لا تتوقف المشاكل بيننا وبينهم .
ومن بين من التقيتهم لكشف مكامن الخلل في ماء وكهرباء الحيمة هو الأخ ـ محمد سعيد ردمان مدير عام مديرية التعزية رئيس المجلس المحلي سألته فأجاب على عجالة أمام مبنى المديرية قائلاً:
 أسألك بالله لا تدخلني هذا الوادي.. هي معجونة ووراءها ناس كبار والقضية معصودة عصيد لهذا أنا أعتذر عن أي تصريح وأنصحك بالتوجه إلى مؤسستي المياه والكهرباء والأخ عبدالكريم العلواني هو عضو المجلس المحلي وبايفيدك بالمعلومات اللي تشتي.. وهذا ما فعلته بالضبط قبل أن التقي مدير عام التعزية ونائب محافظ محافظة تعز أيضاً الذي نصحني بذات النصيحة بالتوجه إلى مؤسستي الكهرباء والمياه.
الختام
وفي نهاية هذا التحقيق يجدر الإشارة إلى أبرز ما تناولنا بين السطور “الطريق والكهرباء والمياه” وأن يتحمل المعنيون جل المسئولية على هذا الوضع المزري فإن الأهالي باعتقادي ومن باب الإنصاف وقول الحق ـ قد جاروا على أنفسهم بتوسعة زراعة القات على حساب زراعة البن والفواكه والخضروات والحبوب لا سيما وأن من التقيتهم من المزارعين يشكون شحة مردود غلة القات مقارنة ببركة المحاصيل الخيرة التي كانت تزرع قبل احتلال القات لحقولهم.. وليكن ختام هذا التحقيق مواساة أبناء الحيمة على مصيبتهم الكبرى في الماء الذي ظلت قراهم تطفو على مخزونه لسنوات وقرون حتى غزا القات أراضيهم وكذا ظمأ المدينة الحالمة التي تلقي ظمأها الكبير على المعنيين في المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بتعز وقيادة المحافظة للبحث عن مصادر مياه أخرى تنقذ الحيمة من الجفاف وتروي ظمأ المدينة فإلى أن يتحقق ذلك ويصل ماء مشروع تحلية مياه البحر في المخاء تظل الحيمة تصرخ عالياً: شاموت ظمأ والماء قُبال عيني.
 
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)