في موكب جنائزي كبير شيع هذا الأسبوع بمدينة إب جثمان الشاب « محمود علي » الحدث كان عظيماً والأجل أتى بصورة غريبة وسريعة وتقول الرواية إن وراء موت محمود إصابته بعين أحد الأشخاص المشهورين “بالممارعة” هذا الحدث استوقفنا حتى نعرف حقيقة ذلك.
 فاتجهنا إلى والد “ محمود “ الذي أكد أن ولده محمود مات نتيجة عين أصابته.
 يقول الوالد: بعد أن عاد ولدي محمود من “السعودية” حيث عمل هناك لفترة تزيد عن خمس سنوات عاد لكي يتزوج لكن الأجل كان الأقرب.
 محمود عاد وهو مفعم بالشباب والحيوية وجسمه مليء بالطاقة يضحك مع هذا ويمزح مع ذلك،وفي الأسبوع الماضي ذهب إلى أحد أصدقائه كضيف وأثناء تخزين القات وقع نظر ذلك “ الممارع” على محمود فقال والله يا ابن علي الصبان إنك قد تغيرت وأصبح لك بطن تكفي لخزن ألف كيس “بر”.
 هنا كان الموضوع طبيعياً ولكن بعد أن عاد محمود إلى البيت بدأ يشعر بالحمى وألم شديد في بطنه وفي الصباح ظهرت على بطنه بقعة سوداء أخذت بالاتساع والانتشار على جسمه، تم إسعافه لكن ذلك لم يوقف انتشار البقعة السوداء،وماهي إلا أيام حتى انتشرت تلك البقعة السوداء على الجسم بأكمله كل ذلك ظهور “ورم”على “السرة” ومن ثم أخذ بالاتساع رغم محاولة الأطباء إجراء العديد من العمليات للتخلص من هذا الورم ولم يمض سوى أسبوع على مرض “محمود” حتى دخل في غيبوبة ومع دخول أول يوم من هذا الأسبوع أعلن الأطباء عن وفاة محمود تحت تأثير ذلك الورم.
 طرد الأرواح الشريرة
وقع نظري على دراسة حديثة أجرتها الدكتورة ـ إلهام محمد الصامت حول “العين الشريرة” أو ما يسميها العامة “ العين الممارعة”.
 وقد ولجت الطبيبة معتمدة على النهج العلمي إلى الموروث من التقاليد والممارسات واكتشفت أن 46 % من الناس يؤمنون بالعين الممارعة، بينما 54 % يرمون أنه ليس هناك أي تأثير للعين الشريرة “الممارعة” على الآخر.
وكانت مصادر دراستها البيئة المحلية وما ينشأ فيها من عادات وتقاليد ثم الخبرة الشخصية لدى الفرد.
 بالطبع ونحن نتناول في تحقيقنا هذا “العين الممارعة” فإن العلم لايقر بأن هناك عيناً خبيثة وأخرى طيبة، بالأخص الطب، وهذا ما يجعل تلك الدراسة ذات معنى وقيمة إذ إن المشرفة عليها طبية ومن خلال إثارة الموضوع، كانت تحاول لفت الانتباه إلى الممارسات التي تسري في المجتمع، بحكم العادات والتقاليد ومن دون إخضاعها للاختبار العلمي.
 ولكن ماهي المشكلة؟
 تجيب الدراسة عن هذا السؤال حيث تؤكد بأنها ناهضة من معتقدات سادت المجتمع، منذ أقدم الأزمنة ،وباتت تسري في اللاوعي الجماعي، وتناقلتها الأجيال، تحدث عنها الجدات حفيداتهن، وتدعوهن إلى اجتناب العين الحاسدة، خصوصاً إذا كانت عيناً زرقاء اللون.
 وبما أنه لا حول للشخص المتلقي آثار “صيبة العين” فمن الأفضل أن يتلافاها، أي يهرب منها، أو يهرب الأطفال،لأنهم معرضون أكثر من الكبار للإصابة بالعين الخبيثة أو الحاسدة أو الممارعة،كما أن الأمهات أيضاً معرضات ومن بعض التفسيرات أن الأم المرضع تكون أشد تعرضاً لتأثير “العين” حين يكون لبنها غزيراً وتثير غيرة سواها من النساء.
أما الدواء فهو الرقية التي تعتمد لطرد الأرواح الشريرة ومن التوصيات التي باتت معروفة ومعتمدة بالنسبة للأم المرضع أن تتجنب الإرضاع في مكان عام، كما عليها هي وسواها تجنب المفاخرة والمباهاة بمعطيات أو مواهب تميز الطفل الرضيع، وعليها أن تخفف من الشكوى وتشكر الله على الدوام.
عيون تطلق ناراً
بعد هذه المقدمة نخوض سوياً في غمار معركة اسمها العين الممارعة فقصص العين الممارعة تترد يومياً على ألسنة الناس، وفي كل المواقف حكايات لا تخلو من الغرابة وأحياناً لا تصدق، ولكن رواتها يؤكدون أنها حصلت لهم أو لأحد أقربائهم أمام أعينهم، ومنطلقهم من ذلك أن بعض العيون لها فعل السهام، فهي تطلق سهامها فتصيب القريب والبعيد والحبيب والعدو، والغني والفقير، ومع أن سهام العيون وردت في الشعر العربي كناية عن الجمال الذي يوقع من ينظر إليها في غرامها، فإن العين الممارعة لها مفهوم آخ، فهي كالنار تطلق شراراً، وهناك من يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن هذه العين إذاً أطلقت شررها فإنها قد تأتي بالمصائب كالمرض، والموت أحياناً والفقر.
ومن الناس من يرفضون تماماً التشكيك بالحسد والعين الممارعة، لاقتناعهم بأن هذا وارد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
قصص وحكايات
البداية كانت مع الحاج “ عبده أحمد” والذي يعتقد أن العين الممارعة كانت سبباً في وفاة ولده الوحيد وبدأ حديثه بقوله تعالى: [وإن كاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم] وبكثير من الحزن والشجن يروي قصة أبنه “محمد” قائلاً: كان رجلاً لا يضاهيه رجل في القرية، وفوق هذا كان متفوقاً في كل شيء خارق الذكاء ويشهد بذلك كل من عرفوه، سافر “محمد” إلى السعودية وفتح الله عليه، وعاد بسيارة فارهة واستطاع جمع كثير من الأموال عند عودته جاء ليسلم عليَّ قائلاً: يا أبي ها أنا أحضرت السيارة وأنت عليك العروس وكان حينها يجلس إلى جانبي أحد أبناء القرية المشهورين بالممارعة فقال على الفور سيارة وعروس والله وافتتحت لكم الدنيا يا بني حمادي القبيلة التي ينتسب إليها” حينها أيقنت أن ابني الوحيد سيصيبه شيء جراء هذه الكلمات من هذا الرجل، وخرج ابني كعادته في صباح اليوم التالي قاصداً أحد الأصدقاء، ولم تمض أكثر من ساعة حتى جاءني الخبر لقد تعرض ولدي لحادث ويرقد في العناية المركزة، علمت أن حالته ميئوس منها، وتوفي بعد غيبوبة دامت ثلاثة أشهر، إن قلبي ينزف دماً، ولكن لا أملك إلا أن أقول الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عين تصيبني بالصداع
أما “نوال” طالبة جامعية فقد بدأت حديثها لنا بالحديث الشريف الذي حفظته عن ظهر قلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين”
وأضافت:
كنت معزومة في إحدى المناسبات الاجتماعية، وحينها كنت بكامل زينتي وكان يظهر على رقبتي عقد ذهب جميل، فظليت أتنقل من مكان إلى آخر في صالة الاحتفال حتى جلست بجانب صديقة قديمة يقال عنها أنها “ممارعة” ولم يخطر ببالي أن أحصن نفسي، فظلت صديقتي هذه تتابع النظرات نحوي واتبعتها بقولها “أيش هذا الجمال والأناقة، ولا عقد الذهب كأنه خلق لهذه العنق” وفي تلك اللحظات أصابني صداع شديد حتى كدت أن أصاب بالإغماء، وبينما قررت مغادرة الحفلة، إذ بعقد الذهب ينفرط بحباته الثمينة، ويتبعثر أمام الحاضرات اللواتي سرعن لجمع حباته وأحجاره، لقد كانت لحظات عصيبة فقد تم نقلي إلى المستشفى عند عودتي إلى المنزل ولكن الطب بكل إمكانياته لم يعط معي أي نتيجة، وعندما شعر والدي بذلك قرر الذهاب إلى أحد قراء القرآن الكريم وهناك تلقيت عدة جلسات من القرآن الكريم حتى زال الألم بفضل الله.. ومن يومها قررت ألا أتزين أبداً أثناء خروجي إلى أماكن الحفلات.
ماتت كل الأغنام
حكايات العين المارعة يعتقد بها الرجال والنساء والكبار والصغار على حد سواء، ويقال أن تأثيرها مباشرة أو بعد فترة، وتروي لنا الحاجة “مريم” ذات الخامسة والستين عاماً حادثة وقعت لها منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حيث تقول: كان لنا الكثير من الأغنام في القرية، وكنت أقوم برعايتها طول اليوم وحين عودتي إلى البيت أقوم مع زوجي بحلب الأغنام التي تدر حليباً.. وفي أحد الأيام وبعد عودتي من المرعى قام زوجي بجمع الحليب من بعض الأغنام التي تدر الحليب، وجمعه في وعاء كبير وبينما هو كذلك إذا بأحد أصدقائه يدخل عليه ويرى الحليب الكثير فقال على الفور “أهذا حليب هذه الأغنام والله أننا لسنا بحاجة إلى مصانع للحليب في البلاد..” وقبل أن يخرج وقعت عدد من الأغنام ولم يمضي سواء أسبوع حتى ماتت كل الأغنام.
فكيف لاتقول أنه الحسد والعين الممارعة؟
جنة الدنيا
وحدثنا الأخ زياد الحاج عن العين الممارعة بالقول:
كنا نسكن ببيت متواضع في القرية، حتى سافرت إلى إحدى دول الخليج وفتح الله علي فاشتريت أرضية بمدينة إب ثم بعد فترة استطعت تجميع المال للبناء وبفضل الله بنيت بيتاً من طابقين يتبعه حوش كبير غرست فيه الكثير من أشجار الزينة والفاكهه وجرت العادة في قريتنا بأن نستقبل الأقارب والأصدقاء حال الانتهاء من بناء البيت ثم السكن فيه وتسمى “بالنقالة” حيث نتلقى التهاني والتبريكات، فحضر في ذلك اليوم الكثير من الأصدقاء والأقارب المهنئين والمباركين وكان من بين الحاضرين رجل اشتهر بأنه ممارع وعند وصوله رأى البيت فاندهش ودعاني قائلاً يا أخ زياد خلاص ماعدكش بحاجة إلى الجنة بالآخرة فكل شيء عندك في الدنيا.. فقلت على الفور أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. وانصرفت إلى الترحيب بالضيوف ولم تمض سوى ساعتين حتى انفجرت أنبوبة الغاز في المطبخ بالطابق العلوي فنشب حريق هائل لم نستطع السيطرة عليه فاتصلنا بالإطفاء والذي حضر متاخراً بعد أن انتهى معظم الأثاث في المنزل، وضاع مني بيت العمر فلا حول ولاقوة إلا بالله.
عين توقف سيارة
وما أكثر الحكايات عن العين الممارعة، وعندما نجتمع في مقيل للقات فأن كلاً من الحاضرين يسرد حكاية عن العين الممارعة وكل له قصة يتفق بسردها، فهذا “قائد أحمد” يروي قصته عن الجمل الخاص به والذي شبه أحد الخبثاء من أصحاب العيون الممارعة بأنه طائرة بغير أجنحة، فوقع الجمل ولم يعد يقوى على الحركة حتى الساعة.
فيما عبدالرقيب محمد تحدث عن سيارته الجديدة التي اشتراها من أحد المعارض.. وعند وصوله للقرية بها استقبله أهل القرية بالتهاني والتبريكات ولكن أحدهم استقبله بكلمة قال فيها “ماهذه السيارة إلا صابونة لكس” فتوقفت السيارة على الفور ولم تعمل فدهش الجميع من ذلك، وكان الموقف مضحكاً ومحزناً في الوقت نفسه.
ذاكرتك مثل الكمبيوتر
أما الطالبة “أمة الرحمن يحيى” فتقول:
معروف عني بين زميلاتي بأنني من المتفوقات دائماً، ودائماً ما تقوم أمي بتحصيني من عيون زميلاتي، لكنني لم أنجح من هذه العيون الحاسدة، فعندما كنت العام الماضي في الثانوية العامة كانت تجلس إلى جانبي زميلة لاتخفي غيرتها وحقدها علي لتفوقي ، وكانت معظم زميلاتي يقلن لي إنها ممارعة، فلم أكن أصدق ذلك، ولم يكن شيء يمنعني من متابعة اجتهادي، حتى إذا ما كنا نستعد لخوض اختبارات الثانوية العامة القسم العلمي العام الماضي، وقبيل الامتحان بيومين التقيت بزميلتي هذه وفتحت معي حواراً حول الامتحانات والمذاكرة، فقلت لها المذاكرة تماماً وأنني مستعدة لخوض الامتحانات لولا أنني اشعر قليلاً بالخوف من الامتحان فقالت لي: تخافي أنتي وذاكرتك مثل الكمبيوتر، وقد شربتي المنهج شرب، فماذا أقول أنا؟ ومرت اليومين وفي يوم الاختبار وبينما كنت أهم بمغادرة المنزل والتوجه إلى المدرسة لأداء اليوم الأول من الامتحان فإذا برجلي تنزلق في سلم الدرج وأقع مصابة بكسر كبير في رجلي، وبدلاً من أن أذهب لتقديم الامتحان ذهبت إلى المستشفى لمعالجة كسر لم يخطر ببال أحد أن يحدث بسبب انزلاقي من على سلم المنزل، واضطررت لتقديم سنة أخرى بعد أن كان من المفروض أن أكون من الأوائل العام الماضي.
شعري يتساقط
أما “ن،ع” فتقول: كانت أمي تلقبني بالهندية نظراً لطول شعري وشدة سواده، وفي يوم من الأيام ذهبت إلى الكوافيرة وطلبت من المزينة أن تقص أطرافه وتصفه لي وكان هناك إحدى النساء التي اتجهت نحوي قائلة: كيف يطاوعك قلبك أن تقصي هذا الليل الهادر بظلامه وعتمته.. حرام عليك.. وبعد أن قامت المزينة بقص شعري حضرت مرة أخرى وأمسكت بشعري قائلة شعرك كثيف وجميل وياليتك جعلته طويلاً..
الحقيقة طول وقت جلوسي على الكرسي وهذه المرأة تثرثر وتبدي إعجابها بشعري، أحسست عندها بضيق شديد وحاولت أن أحصن نفسي لكنني كنت عاجزة عن كل شيء، منذ ذلك اليوم وشعري يتساقط ولم أترك وسيلة لمعالجته إلا وقد جربتها، حتى نصحتني إحدى صديقاتي بأن أقوم بزيارة هذه المرأة وأجعلها تغسل يديها في ماء نظيف، ففعلت ذلك بعد حرج مني ولكن هي الحاجة إلى ذلك، وبعدها قمت بغسل شعري من هذا الماء فكان بمثابة علاج سريع لوقف تساقط شعري والحمدلله على كل شيء.
أذكر الله
أغرب مافي العين الممارعة أن بعض أصحاب العيون الممارعة يعترفون بأن نظرتهم قد تسبب الأذى والضرر، إذا لم يذكروا اسم الله.. ويعترف “سعيد ـ ع” بأنه صاحب عين ممارعة، لكنه لا يقصد إيذاء أحد، ويحول دائماً أن يذكر الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبدي إعجابه بشيء، لكنه لا ينفي مقدرته على إيذاء من لا يحبهم إذا لم يرغب بتصرفاتهم.
تمائم
وبالمقابل فإن بعض الناس ينفون تماماً تأثير العين، ويقولون “القدر خيره وشره من الله”.
الأخ/حمود آل قاسم ـ يقول: الحسد وارد في القرآن والسنة، لكن المشكلة أن بعض الناس يعلقون المرض والفقر والموت وخراب البيوت على العين الممارعة بدلاً من أن يراقبوا تصرفاتهم، وبعضهم يأتي إلى قراءة القرآن الكريم طالباً التمائم والأحجبة لرد العين.. لكن إذا استقام الإنسان وكان مؤمناً بالله فلن يصيبه إلا ما كتب الله له، وبدلاً من اللجوء إلى طلب التمائم فإن كل إنسان مسلم قادر على قراءة المعوذتين وآية الكرسي وذكر الله دائماً، والتوكل عليه بكل أموره وحركاته وسكناته وكل مادون ذلك، بدع دخيلة على الإسلام [قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا] صدق الله العظيم.. أما الرقية فهي التي حدثنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وبعيدة كل البعد عن الخزعبلات وتعليق التمائم وحمل الأحجبة.
حال الطفل
يكون الطفل على ما يرام ولكن عندما تصيبه العين الشريرة فإنه وفجأة يذبل ويصبه المرض أما من خلال جهازه الهضمي أو العصبي أو...ولبلوغ الشفاء العاجل يجب اكتشاف الحالة باكراً؟ ثم الإسراع في علاجها، وليس على يد طبيب، بل المرأة المتخصصة بالرقية، أو بممارسة وسائل خاصة لطرد “العين” مثل إذابة الرصاص أو نثر البخور وتلاوة الأدعية...ذلك ما قالته الحاجة هدى الشعراني والتي تعالج الأطفال من العين..ثم تقول :تأتي الخطوة التالية وهي تعليق التميمة، خرزة زرقاء، أو تعويذة أو أي رمز من الرموز التي اعتمدتها الشعوب.
ثم استطرد حديثه بالقول: أما اختيار الرموز مثل الخرزة الزرقاء فتمثل معاني كثيرة إذ تمثل الزرقة اللطيفة من شعاع البدر، وهي تنعش الخضرة وتقوي النمو، وقد تكون الزرقة رمزاً لمقر البدر في فضائه إذ اعتبر منذ أقدم الأزمنة من المصادر المؤثرة على الإنسان خصوصاً الطفل والأم.
وهناك “حذوة الحصان” تُعلق على أبواب الدور، أحياناً لرد العين الخبيثة، إذ تمثل الهلال في حالات نموه، ولطالما راقب الفلاحون حركة القمر في زيادته ونقصانه، لبدء مواسم الغرس.
اعتماد رموز
أما الأخ حمود آل قاسم فيعاود حديثه بالقول: ثمة رموز أخرى تعتمد لرد “الممارعة” مثل “كف فاطمة” كما يلجأ البعض عند الخطر إلى لمس الخشب أو تعليق الحرز أو الحجاب أو الذخيرة، وهذه الممارسات جميعها تختلف باختلاف البيئة...والدراسة لهذه الظاهرة مهمة جداً إذ تلفت الأنظار إليها، بعد التحول عن الطلب في أحوال المرض، ولا بأس في اعتماد الموروث من عادات في علاج العين الممارعة وفي عصر العلم والحقائق المخبرية.
رأي الدين
كثير من الذين يؤمنون بقدرات العين الممارعة المدهشة يستندون إلى أن هذا منصوص عليه في الدين الإسلامي..وهنا التقينا بالقاضي هائل الغيثي لتوضيح ذلك فقال: ذكر ابن القيم رأي الذين أبطلوا القول بتأثير العين،وقالوا إن ذلك لا حقيقة له، فقال “ هؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ومن أغلظهم حجاجاً، وأكثفهم طباعاً، وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتهم وأفعالهم وتأثيراتها، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمر مُشاهد محسوس، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح...ولشدة ارتباطها بالعين، ينسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة إنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها،وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذىً بيناً، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستفيد به من شره، في قوله تعالى {ومن شر حاسد إذا حسد} فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً”والأدلة من القرآن الكريم قوله تعالى لنبيه {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} وهي دليل على أن الإصابة بالعين شيء صحيح وقال الإمام القرطبي”أرادوا أن يصيبوا بالعين..ثم قال ومرادهم من الإصابة بالعين قتله” وأدلة السنة النبوية كثيرة منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم”العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين” وقيل رأى عام بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال” والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة”قال: فلبط سهل(أي أصيب)فأتى رسول الله عامراً فتغيظ عليه “أي غضب منه” وقال” علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت”أي ألا قلت تبارك الله..
والعين الممارعة صفة تخلق مع الإنسان وعلى الإنسان أن يتحصن دائماً بقراءة المعوذتين وذكر الله، وإن رأى شيئاً أعجبه تبرك: أي قال تبارك الله وتبارك الرحمن.
بقي أن نقول إن الإنسان منذ الأزل عرف لغة العيون، ويقال تستطيع أن تعرف الإنسان وتقرأ ما في أعماقه من عينيه، وتوجد في العين إشعاعات أشبه بقوة المغناطيس، لكنها تتفاوت من شخص لآخر،ولهذا يقال”الحب من أول نظرة” وأحياناً “الكره من أول نظرة”وهذا يدل على تأثير العين سلباً وإيجاباً.

الجمهورية نت