يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
شبكة أخبار الجنوب - ايوب طارش

الخميس, 15-أبريل-2010
شبكة اخبار الجنوب - عبدالله محمد الدهمشي -

آثرت أن أتجنب رؤية الفنان العظيم أيوب طارش في زحام المعاناة الباحثة عن مواساة المريض، وإكرام حاجته من باب التقدير الانساني والوطني لفنه العظيم وإبداعه المجيد.. آثرت ذلك، لأني على يقين من أن الحاجة إليه أكبر وأعظم من حاجته- إن سلمنا جدلاً بذلك ـ لأحد، فرداً كان أو جماعة، شعباً أو دولة.. أقول هذا، وأنا على يقين أيضاً، من أن الفنان الكبير أيوب طارش جزء حيوي من مكونات الهوية الانسانية لليمن المعاصر، وعنصر بنائي للنفسية الفردية والجمعية وإدراكها للخاص والعام.
لم يكن أيوب مجرد فنان يبدع اللحن والصوت، بقدر ما كان إنساناً يسمو بانسانيته إلى كل جميل في المبنى والمعنى، فإذا غنى للحب غنى للقيمة الجمالية في لفظ الحب ومعناه، فالمحب لا يرتوي من ظمأ حتى إن كان في السحاب، التي تصبح بهيامه سراباً.
لست أهلاً لتقديم رؤية جمالية أو نقدية للتراث الغنائي العظيم للفنان أيوب طارش، فكل الذي أقدر عليه هو التعبير عن انفعالات وجدانية وانطباعات شعورية تكونت في نفسي من خلال ارتباطها بأغاني أيوب منذ أولى لحظات وعيي بالحياة.
كانت نساء قريتي يعزفن حياتهن في ريف تعز على أنغام أيوب التي تعتبر أصدق تعبير عن آلام الغربة والفراق، وآمال الحصاد والعناق، وكنت أتأثر بتلك التنهيدات الحارة بصدقها كلما أصبح يوم جديد بصوت أيوب يغني ارجع لحولك أو بكر غبش بالخضرة في الأرض والإنسان.
مثلما توحدت الأرض في نفس أيوب وفنه، توحد كذلك الانسان في الوطن والتاريخ، ليكون كل هذا في أيوب نبضاً ونغماً.. حلماً ووطناً، ومن أول أغنية، تجسد هذا المزيج ولا غرابة إذا كان اسمها أيوب طارش, فإذا كان الإبداع قد تكامل في الشعر واللحن، فإن الانسان قد ارتقى بهما إلى سماوات ما طاولتها سماء حين أنجبت لنا بخت كرب توأمان.
أيوبنا والغناء
وإنها للحظة تاريخية تلك التي أيقظت وعينا الوطني بهويته التي كان اسمها أيوب، لا لنتذكر رمزية هذه الهوية في علم ونشيد، ولكن لندرك أهميتها في البناء المادي والمعنوي للوطن الحلم والمجد، وللثورة الوفاء والخلود، وللوحدة المجد والانتصار فهذه الهوية هي وجودنا والمصير وهي الوطنية انتماء وولاء، ولها أبدع أيوب الفن والنغم.
للشعب كان هتافنا، وللوطن يبقى نداؤنا، ومن لهذا غير أيوب الذي أحيا الروح الوطنية، من أول تجسدها الانسان في حاملات الشريم وحتى توقدها الإبداعي في نشيد تردده الدنيا وتعيده، وعلى من يريد استعادة الروح الوطنية إلى الأرض والإنسان في اليمن، أن يستلهم من أمجاد أيوب طارش ذلك المعنى الصادق في الاحساس والتعبير، هذا إن كان صادقاً وإلا فالمستقبل لكل أمين على عهد العمر وسنوات صبره على لوعات الحنين.
إذاَ، لا يحتاج أيوب لأحد، وإن كان (كل أحد) يحتاجه، للوله بالحب، وللاحساس بهذا الحب تجاه الشريك بين ذكر وأنثى، وتجاه الأرض مجسدة في امرأة، وتجاه الأهل في شوق غريب جوال.
وكذلك لا يحتاج أيوب لشعب أو وطن، فكل الشعب يحتاج أيوب الذي غناه (إنها للشعب وحدة) وكل الوطن يحتاج أيضاً ليؤجج في مواطنين روح الوطنية المنتمية لليمن بلاداً, والمخلصة لسيادتها ونهضتها ولاءً، وحين تكون هويتنا الوطنية بحاجة إلى أيوب طارش، ليس في مجال الوعي بها كذاكرة تاريخية فحسب، ولكن في مجال الاحساس بها حاضر، والحفاظ عليها والدفاع عنها مستقبلاً.. وإجمالاً، لا يحتاج فناننا القدير لأحد، في حين يكون هو حاجة كل معنى جميل في ماضينا وحاضرنا وفي وجودنا ومصيرنا باعتباره اسماً لهوية مجسدة للحب والثورة، للحلم والوحدة، للوطن والشعب للنصر والأمجاد.
لست هنا في شطط المبالغة بالقول عن الفنان الكبير أيوب طارش، لأني عندما أقول انه اسم هوية اليمن المعاصر، فإنني أعني بذلك إبداعه الفني تجاه معاني هذه الهوية، وأهمها: الثورة والجمهورية والوحدة، وبهذا يشاركه رواد المجد الإبداعي من ثوار ومناضلين وأدباء وشعراء ومثقفين وفنانين، لكل منهم مجده المشهود، ومقامه السامي، وتميزه الإبداعي الخاص.
وإذا كان هذا واحداً من المعاني المقصودة بما قلته آنفاً، فإن تخصيص أيوب طارش به مبرر شخصياً وظرفياً، بحالتي الوجدانية تجاه فنه وبحالته هو في اللحظة الراهنة، وقد عاد بعافية نفسية وجسدية، أدامها الله عليه، لذلك يقتضي المقام مقالاً محدوداً بهذا الاسم الهوية لكل جميل ومجيد في يمننا المعاصر.
وإذا كان المقصود من كل هذا القول لم يتضح بعد، أو لم تكتمل حالة الوضوح في بيان المضمون وبيناته فإني معني بتوضيح إضافي مفاده أن الثقافة والفن خاصة، يجسدان الحياة الانسانية لهوية متكونة بالتفاعل بين الانسان والأرض مادياً، وبين مكونات المجتمع معنوياً، لتكون الأحاسيس والمشاعر متولدة بواقعها، ويكون الإبداع الانسان معبراً عنها بالكلمة واللون وبالنبض والنغم ولكي يكون، ويبقى نبض القلب يمنياً، فإن الروح الوطنية بحاجة إلى وقود يحيي انتماءها وولاءها، ويعزز طاقتها الحركية باتجاه المجد والانتصار وبعبارة أخرى، بحاجة إلى احساس بالجمال الظاهر والباطن في أرض اليمن وانسانها، لتتولد بهذا الاحساس مشاعر الانتماء والولاء لكل جميل يستحقه وطن الجمال وشعبه مثل الثورة على الفساد والاحتلال وعلى التشطير والتخلف، لينبثق من رحم النضال الوطني اليمن السعيد والفجر الجديد.
بهذه الروح ستضيء كل القناديل، وتغني كل المواويل لأجل اليمن، وحين شغلتنا الأهواء والاطماع عن تجليات هذه الروح في الإبداع الانساني، نضالاً وأدباً، شعراً وفناً، صوتاً ونغماً تقاذفتنا عواصف التشظي وزوابع الانكفاء عن مجد صنعه شعب لا يضل حين كان هتافنا للشعب وحده، وكان الشعب أولى من يجل, وحين نعترف بأن لكل مقام مقال، ولكل عصر رجالاً ، فإننا نؤكد بهذا الاعتراف ان المستقبل لا ينقطع عن ماضي، وإنما يتجدد به الماضي ويجدد فيه معاني الجمال بأجمل الأسماء التي كان منها أيوب طارش وسيبقى في ذاكرتنا الوطنية وهويتنا التاريخية, فإذا كان أيوب طارش فناناً أبدع لحن الجمال، حباً ووطنية، فإننا لن نقف به عند مجرد نشيد صاغ به المجد الوحدوي للنضال الوطني المعاصر، وإنما سنمتد به إلى كل القيمة الجمالية التي سما بها فناً وإبداعاً، وقبل ذلك وبه وبعده إنساناً.
لقد كان أيوب وسيبقى قصة حب، لا يكفيها ألف قلب، ولئن تفرد في الفن والإبداع، فإن الحب كله عطر ولكن فرادته تأتي بأصالته، وبالمعنى المستخدم له، فهو أي العطر آت من الجنة، ولا يصلح لغير العيد، تماماً كالذاكرة الوطنية التي تردد الدنيا نشيدها وتعيدها ولا تنسى في أوج فرحتها كل شهيد وهب الحياة معنى الجمال الجديد.
ربما أكون قد أطلت ولكني أعترف أن المقام يتسع لماهو أكثر وأكبر من كل الكلمات، وقد أدرك الفنان أيوب طارش هذا المعنى وغيره، من خلال الشعور الذي أحس به وتولد في نفسه وعقله بالتواصل معه، وحرارة الاستقبال الذي لقيه عند عودته من رحلته العلاجية، فأيوب لا يحتاج إلى الإعلانات المدفوعة الثمن التي تتذكره أو تعبر عن حبها لشخصه، واعتزازها بدوره وتاريخه المجيد.
غير أن الروح الوطنية بحاجة إلى وعي ذاكرتها التاريخية واسم هويتها المدونة بأمجاد النضال وفنون الإبداع، وحين نرى الطل فوق الحشائش، فإن حاملات الشريم هن روح هذه الأرض التي لا تبخل بعطائها للانسان إذا انبعث من رمالها ثائراً يختار منها المقام الجليل والدروب الطوال وإذا كنت قد رجعت للأرض أسقي في تربتها الحلم فإن ذلك لا ينفي ظمأ القلب إلى مناخ وطني صادق في تقدير الانتماء وتعزيز الولاء يقسم لليمن يردد مع أيوب أنه لن ينال منها دخيل أو يبيع مكاسبها عميل، وللذين صحوا مؤخراً ليهتموا بالعلم الوطني، نقول بنبض النغم الأيوبي الجميل :
نعم ما أنجبت لنا بنت كرب
توأمان
ايلولنا واللواء..
ومع ذلك سأغني : مكانني ظمآن وهيمان فقلب الغريب مايزال جوالاً هنا وهناك.


الجمهورية


أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)