صادق ناشر - شبكة اخبار الجنوب - لم أفاجأ حينما قرأت نتائج دراسة نُشرت حديثاً عن أسباب تدني الخدمات السياحية في الداخل اليمني، والتي حمّلت القات المسؤولية المباشرة عن ضعف السياحة غير الموجودة أصلاً في هذا البلد. إذ أن السياحة هي آخر ما تحرّك اهتمامات المسؤولين والمواطنين على حد سواء، على الرغم من محاولات طيبة تُقدم عليها بعض الوزارات كانت آخرها تحرُّك وزارة الزراعة لمنع زراعة هذه النبتة الشيطانية في قيعان الوديان. لكن السياحة ليست مجرد رغبات أو تمنيات أو خطط ترصد لها ملايين الريالات، كما أنها ليست عبارة عن استضافة مجموعة من القوافل السياحية الأجنبية، ولا هي مواقع أثرية فقط نطوّف عليها السياح ونعيدهم إلى ديارهم محملين بروائح العطر والبخور والجنابي وغيرها من الذكريات. السياحة هي سياسة، ويبدو أن القائمين على أمور هذا البلد لايزالون غير قادرين على استيعاب العديد من الحقائق التي تؤكد أن السياحة هي أهم من النفط، بدليل أن بلداناً عربية وأجنبية دخلها الكبير والمهم يأتي من السياحة، وتونس أكبر دليل على ذلك. قد يكون القات أحد أسباب المعوقات لضعف السياحة في هذا البلد، لكن السؤال هو: ماذا بشأن المعوقات الأخرى، والتي من أبرزها رفضنا مظاهر التحضر والتمدن، وكأن اليمنيين لا همّ لهم سوى البقاء في الماضي والانغماس فيه واجتراره بحق وبغير حق؟!. نعلم جميعاً أن الكثير من بلاد العالم لديها من الآثار ما يفوق ما لدينا، لكنهم لا يقفون عندها فقط، بل يربطون بينها وحاضر اليوم، فبلدان مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا واليونان واسبانيا لديها من الآثار ما يجعلها تعد من أهم الوجهات السياحية للراغبين في التعرف على الحضارة الإنسانية، لكن هذه البلدان لا تتغنى بماضيها كما نفعل نحن، لدرجة أننا نُشعر الآخرين أننا أصحاب ماضٍ لا أصحاب حاضر!!. من المهم أن نعمل على مراجعة أوراقنا السياحية، والعودة إلى تجارب الآخرين، والتخلص من ثقافة التشبث بالتأريخ فقط من دون إضافة إلى الحاضر، والبحث في وسائل تساعدنا على تقديم صورة أفضل للوضع السياحي في البلاد من خلال رصد السلبيات التي ترافق طموحاتنا في وضع سياحي أفضل مما هو عليه اليوم. اليوم نحتاج إلى وقفة حقيقية لمعالجة المعوقات التي أوردتها الدراسة البحثية الأخيرة، وتحقيق الحد الأدنى من التوصيات التي حملتها لجهة تطوير الحركة السياحية في البلاد، وأبرزها تشجيع السياحة الداخلية التي تعد أحد المقومات لتنشيط العلاقات الإنسانية بين المواطنين اليمنيين على امتداد البلاد، إذ أن الكثيرين من اليمنيين لا يعرفون مناطق بلادهم، وهنا تكمن البداية لسياحة أفضل. |