يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الجمعة, 19-مارس-2010
شبكة أخبار الجنوب - د - فائد اليوسفي د - فائد اليوسفي - شبكة اخبار الجنوب -

مقدمة: اردت أن اكتب مذكراتى عن الوحدة اليمنية من نقطة (أ) فى 22 مايو
1990 حتى قيام الساعة لأنه لايوجد (ي) لقصة الوحدة اليمنية. اكتب هذا باسلوب سهل ومبسط للقارىء العربىء وجيل ما بعد 1990 ولم ادخل بالتفاصيل المملة كى لا يمل القارىء من ناحية وكى اكتب حقائق لا يختلف عليها إثنان. والهدف من كتابتى لهذا الموضوع هوإستخلاص العبر وكشف الحقائق واستنباط المفاهيم التى يجب ان يبنى عليه الوعى اليمنى. فقد كثرت الاضاليل والأكاذيب والتشويش على الجيل الجديد وممن لا يعرفون حقيقة الوضع فى عالمنا العربى خاصة والعالم أجمع.


 اليمن قبل 22 مايو 1990


منذ ما بعد ثورة 26 سبتمبر 1962فى اليمن الشمالى وثورة 14 اكتوبر 1963 فى اليمن الجنوبى، دخل اليمن فى المنظومة الدولية وتبع اليمن الشمالى منظومة دول عدم الإنحياز، وتبع اليمن الجنوبى المحور الاشتراكى الشيوعى التى تقوده روسيا.


ومع قيام حرب الخليج الاولى بين إيران والعراق، انقسم العرب الى قسمين كما هو حالهم. قسم يدعم إيران (سوريا وليبيا واليمن الجنوبى(، وقسم يدعم العراق (بقية الدول العربية) وفى مقدمتها دول الخليج ومصر واليمن. أثناء السبعينات والثمانينات قامت مناوشات كثيرة بين من حكموا اليمن الشمالى و من حكموا اليمن الجنوبى. ودعم كل طرف الجبهات التخريبية (التحررية) ضد الطرف الأخر. هدف حكام الجنوب تصدير الشيوعية الى الجزيرة العربية، وهدف حكام الشمال إنهاء المد الشيوعى (مشروعين متضاربين) والطرفان يتقاتلان من أجل تحقيق اهم هدف لثورتى سبتمبر واكتوبر وهو تحقيق الوحدة اليمنية.



أنتهت حرب الخليج الاولى سنة 1989 بإنتصار العراق و دخل اليمن الشمالى فى ما يعرف بمجلس التعاون العربى بين العراق ومصر والاردن واليمن، وكان هذا متزامنا مع بداية إنهيار المنظومة الإشتراكية.


ظروف الوحدة فى الشمال:


1-    الشمال ميسور الحال إقتصاديا حيث حظى بالدعم الخليجى طوال فترة الثمانينات وبعده دعم مجلس التعاون العربى.


2-     2 مليون مغترب يمنى داخل السعودية يدخلون بالهوية الشخصية وبدون جواز سفر ويمارسون كافة اشكال العمل والتجارة بافضلية عن باقى الجنسيات العربية والاسلامية. اضافة الى الاف المغتربين فى دول الخليج الاخرى والاف اخرى فى دول العالم.


3-     اكتشاف النفط فى الشمال.


4-    العلاقات الطيبة مع كل دول العالم بما فيهم الولايات المتحدة.


5-    الحريات الفردية المعقولة مقارنة باليمن الجنوبى.


6-    الإنفتاح الإقتصادى على الجيران والعالم وقيام الصناعات الخفيفة.


7-    12 مليون تعداد سكانى (وهو معقول).


8-    الاستقرار النسبى.


ومع هذا فقد استمرت المناوشات الحدودية بين الشمال والجنوب وكادت كفة الشمال ترجح فى 1989 وذلك للإستعانة بخبراء عراقين وانهيار الاتحاد السوفيتى. اضف الى ذلك الدعم العالمى والعربى للشمال. ومع كل هذا فقد كانت هناك حركات فى الشمال قبلية ومناطقية وسياسية تستعد للإنقضاض على حكم الرئيس على عبد الله صالح بدافع التنافس على السلطة من جهة وبدافع تحقيق الوحدة من جهة.


ظروف الوحدة فى الجنوب:


1-    ضيق اقتصادى ومديونية 13 مليار دولار خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى.


2-    تناحرات سياسية ومناطقية، والتى زادت بعد مجزرة 13 يناير (1986) التى قام بها الحزب الاشتراكى ضد الرئيس الجنوبى السابق على ناصر محمد، ونتج عن هذه الاحداث قتل اكثر من 10000 برىء من أبناء الجنوب فى اقل من اسبوع، تلت هذه الفترة تصفيات جسدية وعدم استقرار سياسى فى الجنوب. هروب الرئيس على ناصر محمد و المنتمين له الى اليمن الشمالى، وتدخل الرئيس على عبد الله صالح شخصيا للصلح بين الجنوبيين ووقف المجازر. وبعد احداث 13 يناير تولى السلطة فى الجنوب على سالم البيض.


3-    توقف التنمية، المتوقفة أصلا منذ رحيل الاحتلال البريطانى


4-    توترات فى الجنوب، خاصة مع تهجير قسم كبير منهم الى الشمال وتهديد حقيقى لوجود الحزب الاشتراكى.


5-    تهجير القوة الإقتصادية الرئيسة من سكان الجنوب وهم الحضارم والذين يعتبرون ركيزة اساسية من ركائز الإقتصاد الخليجى والعالم، وكذلك تهجير الكتاب والمفكرين سواء كانوا من الليبراليين او الإسلامين. ولم تتمكن هذه الشريحة المهمة من العودة الا بعد الوحدة.


6-    3 مليون نسمة، نسبة السكان،ويعتبر تعداد منخفض نسبيا مقارنة بمساحة البلاد التى تعتبر مرة ونصف اليمن الشمالى، ولكن يغلب عليها الصحراء.


قيام الوحدة اليمنية:


قامت الوحدة اليمنية فى 22 مايو 1990 بين ما كان يعرف باليمن الشمالى (الجمهورية العربية اليمنية) والجنوبى (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية). ووقع الوحدة الرئيس الشمالى (على عبدالله صالح) والجنوبى (على سالم البيض) وتم إعلان (الجمهورية اليمنية) مع تغير العلم والنشيد الوطنى الى علم ونشيد جديد. نجح النظامان بإنقاذ نفسيهما وذلك بتحقيق اهم منجز يمنى وعربى فى القرن العشرين. وفعلا سادت حالة الرضى الشعب اليمنى فى شماله وجنوبه.


شُكل مجلس رئاسة واصبح رئيس مجلس الرئاسة للجمهويرة اليمنية "على عبد الله صالح" واصبح نائبه "على سالم البيض. وتم تقاسم السلطة بين المؤتمر الشعبى العام الذى اصبح حزبا سياسيا والحزب الاشتراكى "المخضرم".


ظهرت أحزاب سياسية أخرى فى اليمن مع الإنفتاح السياسى والذى يعتبر شرط من شروط قيام دولة الوحدة. واهم هذه الاحزاب هو حزب الاصلاح الذى يتبنى ايدلوجيات الإخوان المسلمين فى مصر، وأحزاب أخرى أهمها حزب البعث، والحزب الناصرى، وحزب الحق (حزب الحوثى).


تبادل حزب الاصلاح والحزب الاشتراكى العداء من اول يوم للوحدة، وهذا العداء ايدلوجي صرف. فالاول يتهم الثانى بالكفر والثانى يتهم الاول بالرجعية. ومع هذا كله فقد ساد الشارع اليمنى نوع من الرضى والاستقرار وحصل على حريات كبيرة لم يكن يحلم بها.


دخل النظام السياسى فى اليمن فى ما يعرف بالفترة الانتقالية والتى انتهت مع بداية اول إنتخابات برلمانية فى دولة الوحدة فى ابريل 1993.


 اساسيات ومفاهيم يجب أخذها بالإعتبار إستنادا الى ما سبق:


1-    الوحدة اليمنية كانت مطلبا جماهيريا فى الشمال والجنوب وكانت اهم هدف لثورتى سبتمبر 1962 واكتوبر 1963 وهى نتيجة تضحيات قوافل من الشهداء فى الشمال والجنوب.


2-    قامت (بمعنى عادت) الوحدة فى 1990 بين الشمال والجنوب ولم تكن وحدة بين نظامين بل لحمة لشعب واحد.


3-    الوحدة قامت بالتراضى والحب ولم تفرض فرضا من قبل أحد.


4-     الوحدة اليمنية اهم منجز يمنى وعربى فى القرن العشرين.


5-     الوحدة فرضها الشعب على النظامين فى الشمال والجنوب فهى وحدة شعب وليس وحدة انظمة.


6-     لا يحق لأى طرف فرض وصايته او التحدث بإسم جزء من الشعب خارج المؤسسات الدستورية.


7-    شرعية اى إنسان فى النظام او المعارضة مستمدة من شرعية الوحدة وليست شرعية الوحدة قائمة على شرعية النظام او المعارضة. فالوحدة هى من تعطى الشرعية، وليست الانظمة والكتل السياسية واصحاب المصالح هم من يضفون الشرعية على الوحدة.


حقائق يجب تذكرها قبل مواصلة الحلقة الثانية:


1-    الحزب الإشتراكى فى اليمن الجنوبى هو حزب مؤدلج سياسيا وكان يتبع المنظومة الشيوعية.


2-    حزب المؤتمر الشعبى فى الشمال لم يتشكل كحزب الا بعد قيام الوحدة وهو عبارة عن تجمع من كافة اطياف الشعب وليس حزبا مؤدلجا سياسيا.


3-    كان هناك عداء بين الحزب الاشتراكى فى الجنوب والزعيم السابق للجنوب على ناصر محمد الذى خرج مع مؤيديه - بعد احداث 13 يناير الدامى- من الجنوب الى الشمال.


4-    ظهر حزب الإصلاح المعارض (حزب مؤدلج سياسيا وهو إمتداد لحركة الإخوان المسلمين فى مصر( الى العلن بعد الوحدة مباشرة ومنذ اليوم الاول للوحدة لم يخفى عدائه الايدلوجى للحزب الإشتراكى تحت ذريعة التكفير ومحاربة الشيوعية والماركسية وقد بادله الإشتراكى نفس العداء.


5-    ظهرت الاحزاب السياسية الاخرى الى العلن اكثر، مثل الحزب الناصرى والبعثى وحزب الحق ..الخ ومعظمها له علاقات بأحزاب المنشاء فى مصر والعراق وإيران بالترتيب.


6-    إشترط الحزب الإشتراكى الذى يتزعمه البيض على الرئيس على عبد الله صالح قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة "مغادرة الرئيس السابق على ناصر محمد وبعض الزعامات الجنوبية الموالية له" وغادر الرئيس على ناصر محمد الى سوريا.


7-    الوحدة ضاعفت ديون دولة الوحدة من نصف مليار دولار الى 13 مليار ونصف دولار أمريكى.


8-    حرب الخليج الثانية (العدوان الثلاثينى) على العراق زادت الطين بله، فقد رجع اكثر من مليونى يمنى الى اليمن تاركين معظم اموالهم واعمالهم وراء ظهورهم، نتيجة لما إعتبرته دول الخليج وقوف يمنى مع صدام حسين. مع ان اليمن كان ضد غزو الكويت وضد الحرب على العراق.


9-    كان المصدر الرئيسى للدخل القومى هو نفط مأرب (فى الشمال)، حيث ان القطاع النفطى ومصفاة عدن كانت متوقفة فى الجنوب ولم يتم اكتشاف النفط بالكميات الحالية فى الجنوب الابعد الوحدة والذى ينتج الان بفس الكمية التى تنتج فى الشمال (وعموما فإن انتاج النفط فى اليمن يعتبر قليل جدا مقارنة بدول الجوار). إذا فما يروج له من أن الثروة فى الجنوب، هو كذبة كبيرة يثيرها هذه الايام أعداء الوحدة لإيهام البسطاء بان الجنوب مصدر الثروات وأنه غنى، وكلام لا يجب ان يقال فالحال من بعضه).


 
الوحدة اليمنية من -أ- إلى .... قيام الساعة (2)


                                             


                                              الفترة الإنتقالية


 


 حقائق فى إتفاقية دولة الوحدة ودستور الجمهورية اليمنية يجب عدم نسيانها:


 


1-    وحدة إندماجية تلغى كلا من الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوب) وهذا فى نص المادة الأولى لإتفاقية دولة الوحدة.


مادة (1) : تقــوم بتاريخ 22 من / مايــو عــــام 1990م الموافق 27/10/1410هـ بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية ، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (شطري الوطن اليمني) وحدة اندماجية كاملة تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد يسمى (الجمهورية اليمنية) ، ويكون للجمهورية اليمنية سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة .


 


2-    فترة إنتقالية لمدة سنتين ونصف


 


3-    دستور دولة الوحدة ومن أهم ما ورد فيه:


 


a)    تقسم اليمن الى دوائر إنتخابية من حيث عدد السكان وليس المساحة.


المادة(41) يتألف مجلس النواب من أعضاء ينتخبون بطريقة الاقتراع السري العام لحر المباشر والمتساوي، وتقسم الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة 5% زيادة أو نقصان، وينتخب عن كل دائرة عضو واحد في مجلس النواب.


b)    المواطنون متساوون فى الحقوق الدستورية (مواطنة متساوية)


المادة((42) حق الانتخاب والترشيح مكفول لكل مواطن.


يشترط في الناخب الشروط الآتية.


a.       أن يكون يمنيا.


b.      أن لا يقل سنه عن ثمانية عشر عام.


يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب الشروط الآتية.


c.      أن يكون يمنيا.


d.      أن لا يقل سنة عن خمسة وعشرين عاما


e.      أن لا يكون أميا


f.       أن يكون مستقيم الخلق والسلوك


c)     الخيانة العظمى


المادة(101) يكون اتهام رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة بالخيانة العظمي أو بخرق الدستور أو بأي عمل يمس استقلال وسيادة البلاد بناء على طلب من نصف أعضاء مجلس النواب، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء ويبين القانون إجراءات محاكماتهم، فإذا كان الاتهام موجها إلى جميع أعضاء مجلس الرئاسة تباشر هيئة مجلس النواب مهام مجلس الرئاسة مؤقتا حتى صدور حكم المحكمة، ويجب أن يصدر القانون المشار إليه خلال دور الانعقاد العادي الأول لمجلس النواب التالي لسريان هذا الدستور، وإذا حكم بالإدانة على أي منهم اعفي من منصبه بحكم الدستور مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى. وفي جميع الحالات لا تسقط بالتقادم أي من الجرائم المذكورة في هذه المادة.


d)    22 مايو 1990 يجب ما قبله وما قبل 22 مايو يعتبر من لتأريخ، فالكل بعد 22 مايو متساوون ولا وصاية لأحد على أحد او على جزء من الوطن خارج نطاق الدستور والمؤسسات الدستورية.


المادة(129) يعتبر هذا الدستور نافذا من تاريخ إعلان موافقة الشعب في شطري اليمن عليه بالاستفتاء العام.


وقد تم الإستفتاء على دستور دولة الوحدة فى  20/ 5 / 1991 ومن صوت لصالح الدستور بنعم  98.3 % وبرفض 1.5 %. واصبح من كان يحكم الشمال لايمثل الشمال ومن كان يحكم الجنوب لايمثل الجنوب وذلك بنص المادة  132 فالوطن واحد والشعب واحد.


المادة(132) تعتبر الحكومتان القائمتان في شطري اليمن من تاريخ نفاذ هذا الدستور مستقيلتين، كما يعتبر المجلس التشريعيان القائمان فيهما من هذا التاريخ محلولين ويؤلف مجلس الرئاسة المؤقت الحكومة وتمارس الاختصاصات المخولة للحكومة في هذا الدستور إلى أن ينتخب مجلس رئاسة وفقا لاحكام هذا الدستور.


e)     المحافظة على الوحدة هى أساس شرعية المؤسسسات والأحزاب والتنظيمات السياسية وأساس العمل المؤسسى والحزبى والسياسى، والمساس  بها تلميحا أو تصريحا يعتبر من الموبقات وعلى هذا أقسم جميع من فى مؤسسات الدولة ليحظوا بالشرعية.


المادة( 135) اليمين الدستورية التي يؤديها رئيس وأعضاء مجلس الرئاسة وأعضاء مجلس النواب ورئيس وأعضاء الحكومة نصها كما يلي "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهورية وان احترم الدستور والقانون وأن أراعى مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة وأن أحافظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه"


 


 المؤسسات الدستورية للجمهورية اليمنية فى الفترة الإنتقالية:


تم تقاسم المؤسسات الدستورية مناصفة بين حكام الشمال (المؤتمر) و حكام الجنوب (الحزب الإشتراكى) وسأضرب بعض الأمثلة لهذا التناصف:


a.      مجلس رئاسة دولة الوحدة له صلاحيات كبيرة مكون:


                                                              i.      على عبد الله صالح رئيسا والقائد الأعلى للقوات المسلحة


                                                            ii.      على سالم البيض نائبا للرئيس


b.     حكومة من 38 وزيرا (ويعتبر اليمن أول دولة يختلق فيها هذا الكم من الوزرات) وأهم الوزاء:


                                                              i.      المهندس حيدر أبو بكر العطاس –رئيساً للوزراء (إشتراكى)


                                                            ii.      د. عبدالكريم الإرياني- وزيراً للخارجية (مؤتمر)


                                                          iii.      صالح أبو بكر بن حسينون – وزيراً للنفط والثروات المعدنية (إشتراكى)


                                                         iv.      د. فرج بن غانم – وزيراً للتخطيط والتنمية (إشتراكى)


                                                           v.      العميد هيثم قاسم طاهر- وزيراً للدفاع (إشتراكى)


                                                         vi.      غالب مطهر القمش – وزيراً للداخلية والأمن (مؤتمر)


                                                       vii.      علوي صالح السلامي – وزيراً للمالية (مؤتمر)  


c.     البرلمان: وهو عبارة عن حاصل دمج مجلس الشورى  (فى الشمال) ومجلس الشعب الأعلى (فى الجنوب):


                                                              i.      رئيس البرلمان: د. ياسين سعيد نعمان (إشتراكى)


 قامت حرب الخليج الثانية وتم إحتلال الكويت ونتج عن هذا الإحتلال حصار العراق وبعد ذلك ضربه، وقد فـُسر الموقف اليمنى بأنه دعم مطلق للعراق لإحتلال الكويت الا أن حقيقة الموقف اليمنى كان ضد إحتلال الكويت وضد ضرب العراق (حل عربى عربى)، ونتج عن حرب الخليج الثانية:


1-      إنهيار مجلس التعاون العربى كقوة إقتصادية.


2-      ترك اكثر من 2 مليون مغترب يمنى لأراضى الخليج مما زاد الضغط الإقتصادى على دولة الوحدة.


3-      مؤامرات وضغوط سياسية على وحدة اليمن من قبل الأشقاء فى الخليج وعاش اليمن فى فترة تشبه الحصار الغير معلن.


4-      إنهيار العملة اليمنية


 وما زاد الأمر سؤا هو الحرب فى الصومال ونزوح عدد كبير الى اليمن. ومع هذا كله فقد إستمرت عجلة الوحدة فى الدوران. واستمرت اليمن فى الإزدهار السياسى وزاد عدد الأحزاب المسجلة وزاد عدد الصحف والمطبوعات وشهد اليمن حرية سياسية حقيقية. ولكن كان هناك منغصات للفترة الإنتقالية.


 منغصات الفترة الإنتقالية:


1-     العداء العقائدى بين حزبى الإصلاح (الإسلامى) والحزب الإشتراكى (الشيوعى): هذا العداء جعل الحزب الإشتراكى يتوجس خيفة، خاصة مع الإنتشار الواسع لحزب الإصلاح فى محافظات الجنوب، فبدأت المساجد فى الظهور والزيادة، وبدأ دورها بالبروز وبدأ الحجاب والنقاب يظهر بشكل ملفت. ولم يخفى الحزب الإشتراكى قلقه وبدأ يتصرف بردة الفعل وهاجم رموز الإصلاح بما فيهم الشيخ عبد المجيد الزندانى. كانت حرب فكرية قوية ينقصها إطلاق النار. وقد لعب الرئيس على عبد الله صالح دورا مهما فى تلافى التصادم بين هذين الفريقين لا كما يقول بعضهم أنه هو السبب.


2-     تهميش جزءا كبيرا من ابناء الجنوب الذين كانوا قد هربوا الى الشمال فى سنوات التشطير وخاصة بعد أحداث 13 يناير 1986. هؤلاء الجنوبيين منعوا من تولى مناصب قيادية بل ومضايقتهم احيانا من قبل إخوانهم الجنوبيين فى الحزب الإشتراكى ولجأ كثير منهم الى ترك اليمن نتيجة لهذه المضايقات الممنهجة. هذا التهميش والرفض لهؤلاء جاء نتيجة ضغوط مارسها الحزب الإشتراكى على شريكه فى الشمال مما جعل هذه الفئة تشعر بالظلم فبعضهم إنظم الى حزب الإصلاح نكاية فى تصرفات الإشتراكى وبعضهم ارتضى بالتهميش وبعضهم مارس الثأر ضد بعض رموز الحزب الإشتراكى.


3-     الإغتيالات السياسية لأعضاء بارزين فى الحزب الإشتراكى. هذه الإغتيالات لم يكن معروفا من السبب فيها الا أن قيادة الإشتراكى قبيل اول إنتخابات برلمانية نهاية الفترة الإنتقالية وفى خضم المعترك والتنافس الإنتخابى إستغلت من يقتل من كوادرها للتباكى عليهم وذلك لإظهار الحزب الإشتراكى بأنه مظلوم ومحارب من قبل القوى الرجعية فى الإصلاح ومن قبل حزب المؤتمر. وفعلا كان له ما يريد فقد تعاطف معه الكثيرون نتيجة هذه الدعاية. وسواء كانت الإغتيالات نتيجة تصفيات بين أجنحة الحزب الإشتراكى او نتيجة الثأر ممن هرب مع على ناصر او مؤامرة من متطرفين فى الشمال سواء من الإسلاميين او من حزب المؤتمر، فقد إستغل الحزب الإشتراكى هذا لكى يكسب اكبر تعاطف شعبى معه.


4-     رفض الحزب الإشتراكى وعرقل إندماج الجيش حتى بعد الإنتخابات. لا ادرى هل كان الحزب الإشتراكى يضرب حساب الفشل ومن ثم العودة الى ما قبل 22 مايو، خاصة فى ضل عداء دول الخليج لنظام صنعاء بسبب الموقف من حرب الخليج الثانية، أم أنه كان بسبب التوجس والخوف من مؤامرة ما تحاك ضده، أم كان بسبب إشكالات تقنية. والجدير ذكره أن وزير الدفاع كان من الجنوب ويتبع الحزب الإشتراكى. الا أن خليطا من هذه الأسباب هو الراجح.


5-     التوجيه الخاطىء للتابعين لكل من حزب الإصلاح والإشتراكى. فحزب الإصلاح يزرع فى نفوس اتباعه بشكل مغلوط أن الإشتراكى والكفر وجهان لعملة واحدة، والإشتراكى لا يتردد بوصف الإصلاحين بابشع الأوصاف فى كل الوسائل الإعلامية. طبعا المستفيد الاكبر من كل هذا هو حزب المؤتمر.


والسؤال الذى يطرح نفسه هنا لماذا لم يكن الرئيس حاسما وقويا؟


أنا اعتقد أن اسباب عدم الحزم فى ما حدث بين الحزبين (الإشتراكى والإصلاح) وكذلك قضايا الإغتيالات هى:


a.      تقاسم السلطة مع الإشتراكى، فحزم مع الإشتراكى فى وجود جيش غير موحد يعتبر كارثة، بل يعرض دولة الوحدة للإنهيار خاصة وأن وضع اليمن بعد حرب الخليج يرثى له.


b.     حزم مع الصلاح قد يفقد حزب المؤتمر شعبيته داخل الوسط الشعبى حيث سيقول القائل ان المؤتمر يتحالف مع الكفار ضد الدين وقد قالها بعض رموز الاصلاح لكن ليس على مستوى القيادات بل على مستوى القيادات من الدرجة الثالثة. كما أن المؤتمر ليس غبيا أن يدخل نفسه فى صراع قد تـُكسـِب الإشتراكى الإنتخابات.


c.     ضعف الدولة بشكل عام على إتخاذ مثل هذه القرارات. فالفترة الإنتقالية كانت فترة كسب ود الشعب من جميع الاطراف لدرجة أنه من ليس لديه وظيفة كان يوظف بالهوية الحزبية. وإذا ظلمك المؤتمر فالإشتراكى ملجأ والعكس بالعكس.


d.     الكل استغل هذه الإغتيالات ليس من اجل الحقيقة والعدالة بل من أجل الإنتخابات. فالإشتراكى يتهم الإصلاح والمؤتمر بتصفية قياداته مع ان معظم من قـُتـِلوا لم يكونوا على ود مع القيادات العليا للإشتراكى. والإصلاح يتهم السلطة بحجة المنافسة بين الفريقين (المؤتمر والإشتراكى)، والمؤتمر يتهم الاشتراكى والإصلاح (بحجة أنهم اعداء)، المهم الجميع يرمى الإتهامات والمتهم غير معروف والجميع يستغل هذه الإغتيالات ويوظفها إنتخابيا.


 هذه الاحداث لعبت دورا كبيرا فى تغير وجهة الناخب فيما بعد. فاليمنى ذكى بالفطرة. فمن كان يؤيد الإشتراكى قبل الوحدة بدأ يشك فيه او يغير وجهته عنه وكذا جميع الأحزاب. فمثلا كان الحزب الإشتراكى يراهن اساسا على ابناء المحافظات الشمالية الجنوبية مثل تعز (معقل مؤسسى الحزب الإشتراكى) وإب والبيضاء. وفعلا كان رهانه صحيحا الا أن الفترة الإنتقالية غيرت الصورة الى حد كبير. فقبل الوحدة كان سكان هذه المحافظات يميلون الى الحزب الإشتراكى بسبب قبيلة الدولة فى الشمال وعدم سيادة القانون، فكان هؤلاء يتمنون أن يأتى الحزب الإشتراكى بدولة حقيقية تحترم القانون وتحارب الرشوة.


الا أنه ما حدث فى الفترة الإنتقالية كان مخيبا جدا، فقد تصرف موظفوا الحزب الإشتراكى بشكل أبشع مما كان يتصرفه القبيلى فى الشمال. فالرشوة حدث ولا حرج فقد جاؤا من كهف اصحاب الكهف من شدة الجوع، والسطو على المال العام ونهب خزينة الدولة حدث ولاحرج، وعدم المساواة بين المواطنين كانت سياسية واضحة لدرجة اننى كنت حينها الثالث على مستوى الجمهورية ولم احصل على منحة لست أنا بل العشرة الاوائل من الشمال وكل المنح او معظمها لأبناء الجنوب وخاصة من لهم علاقة بالحزب الإشتراكى تحت مبررات واهية وكان وزير التعليم حينها إشتراكيا. فعلا لقد اصيب المواطن فى الشمال بخيبة الامل من هذه التصرفات. وكان التوظيف فى كل المصالح وحتى الجيش بالهوية. فمن كنا نرجو منهم القانون والمساواة تصرفوا بعنصرية.


كما ان ظهور حزب الإصلاح وخاصة فى تعز وإب جذب اليه عددا كبيرا من المواطنين وسحب جزءا كبيرا ممن كانوا يرون في الحزب الإشتراكى الأمل والمخرج.


وعموما الجميع لعب بورقـِهِ، فالمؤتمر لعب بجذب المواطنين عن طريق شراء الذمم والإعتدال والقبيلة ومستغلا منجزاته السابقة كحاكم لليمن الشمالى. والاصلاح لعب بورقة الدين والتكفير للجميع. والإشتراكى لعب بورقة المظلوم الذى يحاول المتطرفون قتله. والمواطن فكر بعقلية واحد تعرفه أحسن من واحد ما تعرفوش، وعقلية المجرب لا يجرب. أمور متشابكة أخذها المواطن فى الإعتبار قبل ان يصوت لصالح أحد.


وما يهمنا أن الجميع دخل الإنتخابات وهو ينظر الى كعكة الثانى بأنها من ستناصره. وقامت اول إنتخابات ديمقراطية وشفافة وبأعلى مشاركة فى تاريخ العالم. ليحصد كل منهم نصيبه.


 الإنتخابات


مثلت الانتخابات النيابية الأولى التي جرت في 27 إبريل 1993م تظاهرة ديمقراطية شدت إليها أنظار المراقبين السياسيين في العالم كونها الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، تجري على قاعدة التعددية الحزبية كما مثلت أول اختبار حقيقي للأحزاب والتنظيمات السياسية لخوض التجربة الديمقراطية والتنافس فيما بينها لتعرف مدى قدرتها على الوصول إلى الجماهير وكسب ثقتها.


وقد شارك في الانتخابات 22 حزباً وتنظيماً سياسياً فازت 8 أحزاب سياسة.


41% للمؤتمر الشعبي بواقع 122 مقعدا.
21% لحزب الإصلاح بواقع 63 مقعدا.
19% للحزب الاشتراكي بواقع 56 مقعدا.
حزب البعث العربي الاشتراكي (7) مقاعد .
حزب الحق "مقعدان". (حزب الحوثيين)
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري "مقعد واحد".
التصحيح الشعبي الناصري "مقعد واحد".
الحزب الديمقراطي الناصري "مقعد واحد".
كما حصل المستقلون -رغم كثرتهم- على نسبة 16% بواقع 48 مقعدا فقط بالمجلس، واستحوذت خمسة أحزاب أخرى على الـ3% الباقية من عدد المقاعد.


 


الخلاصة:


1-     الوحدة قامت بالتراضى والغت الدولتين السابقتين فمن يقول بفك الارتباط والعودة الى الماضى فهو واهم بجميع المقاييس.


2-     الوحدة كانت اندماجية بين شعبين وليس محاصصة بين نظامين. وما يقوم به الحزب الإشتراكى الأن هو إعلان للإنفصال بتواطؤ من بعض أحزاب المعارضة والتى للأسف أهمها حزب الإصلاح.


3-     من ينادى بالفيدرالية إنما ينادى بالإنفصال والتشرذم، لأنه لا معنى للفيدرالية فى ظل الحكم المحلى واسع الصلاحيات. وهو تجاوز لدستور دولة الوحدة وحنوث بالقسم وخرق للدستور وخيانة عظمى للوطن.


4-     من يقول أن هناك مواطنة غير متساوية فهو كاذب وافاق فدستور الوحدة واضح وشفاف فى هذا الصدد ويجب التفرقة بين ممارسات الأفراد العنصرية وبين القانون والدستور الذين يرفضان العنصرية ويعاملان جميع المواطنين على اساس واحد. بل إن هؤلاء هم من ينادون بالعنصرية ولايساوون بين المواطنين فهم يخترعون كل ما يدعو الى العنصرية من "شمالى جنوبى، شافعى زيدى، فوق تحت، ....الخ.


5-     من ينادون بتصحيح مسار الوحدة هم من يريدون حرف مسار الوحدة (فمرة فيدرالية، ومرة جنوب شمال، ومرة شركاء الوحدة ولابد من الرجوع الى التقاسم،  ومرة اوصياء على الجنوب او اوصياء على الشيعة).


6-     إن من أعلن الإنفصال فى 1994 هم نفسهم من يعلن ويحرك اليوم وهم نفسهم 1.5 % الذين صوتوا بلا على دستور الوحدة. والقضية ليست قضية اراضى او وظائف (رغم ان هذه المشاكل موجودة فى الشمال والجنوب) فهل عندما أعلن هؤلاء الإنفصال فى 1994 كان بسبب الاراضى والوظائف والتهميش الكاذب.


7-     أعداء الوحدة فى الامس هم اعداء الوحدة اليوم + اصحاب المصالح الانانية الضيقة وتجار الفوضى والعنف، ومطالبهم بالأمس هى مطالبهم اليوم (السلطة، الإنفصال، الفيدرالية).


8-     إن من لا يحترم قسمه لا يحترم مهما تشدق بالكلام وضحك على البسطاء. ومن لا يحترم الأخرين لا يحترم موقعه، من لا يحترم رئيس بلده كسلطة لا يحترم نفسه كمعارضة، ولذلك هم لا يتصرفون كمعارضة بل كخارجين عن القانون، فالمعارضة تحرم الثوابت والمجرمون لا يحترمون الثوابت.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)