يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
شبكة أخبار الجنوب - اعلان وحدة اليمن

الثلاثاء, 16-يوليو-2013
عبدالملك الفهيدي - شبكة اخبار الجنوب -
الحديث عن تاريخ علي عبدالله صالح ومنجزاته كزعيم وسياسي حكم اليمن لثلاثة عقود من الزمن أمر متروك للمختصين بتدوين تاريخ اليمن المعاصر الذي لا يشك احد بأنه سيسجل للرجل ما حققه من منجزات عظيمة باعتبارها جزءا من تاريخ بلد كان ولا يزال علي عبدالله صالح يلعب الدور الأبرز في صناعة التحولات الايجابية فيه .

لكن ما نحن يصدده هنا هو الحديث عن المشروع السياسي الذي حمله علي عبدالله صالح وهو في ريعان شبابه حين جاء إلى سدة الحكم فيما كان يعرف في شمال اليمن أواخر سبعينيات القرن العشرين المنصرم .

ففي منتصف العام 78م كان الشاب علي عبدالله صالح يحمل في أعماقه وعلى عاتقه احتياجات الوطن الذي رآه يجتر أثار الإمامة ومساوئها ،فجاء هذا الشاب وانغمس بأعماقه وتفكيره وضميره وجهوده في بناء الوطن مساهماً في صناعة أمنه واستقراره الذي ظل رهيناً للحروب والصراعات منذ تفجر ثورته المباركة 26 سبتمبر 1962 م و14 أكتوبر 1963م و30 نوفمبر 1967م .


ورغم أن علي عبدالله صالح حين تقلد السلطة في شمال الوطن-سابقاً- كان ما يزال شاباً ينظر إليه انه بلا خبرة سياسية كافية ،إلا انه نجح في إثبات العكس من ذلك تماما وأدرك بنظرة ثاقبة أن بناء الدولة يبدأ من تحقيق الأمن والاستقرار ،وان تحقيق ذلك مرهون بجيش قوي يستطيع فرض هيبة الدولة وسلطتها على كل شبر فيها ..فعمل وهو –ابن المؤسسة العسكرية- على بناء مؤسسة عسكرية وطنية ظل يوليها كل اهتمامه على مدى ثلاث عقود ونيف من الزمن تمكنت خلالها اليمن من تكوين مؤسسة القوات المسلحة والأمن بمكوناتها الرئيسة الثلاث البرية والبحرية والجوية ،وأضحت هي الحامي لحدود الوطن والحارس لمنجزاته ومكتسباته ،وأثبتت بذلك الرؤية السياسية الثاقبة لعلي عبدالله صالح منذ اليوم الأول لتحمله مسؤولية وطن وأمانة امة .

ولان علي عبدالله صالح جاء من أنقى الشرائح الاجتماعية في اليمن وهي شريحة الفلاحين كما قال شاعر اليمن وأديبها الراحل عبدالله البردوني فقد ارتبط فكره ورؤيته بالجانب الحضاري لشعب تمتد جذوره الحضارية لأكثر من ثلاثة آلاف عام ،فعمل بكل جهده وبمساعدة من القائد العربي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات-رحمه الله- على إعادة بناء سد مأرب بما مثله ذلك من استحضار لآثار التاريخ الوطني وإعادة إحياء الشخصية الوطنية للإنسان اليمني الذي ارتبط وجوده وحضارته في التاريخ السبئي القديم على الماء والزراعة التي وصفها القران الكريم بقوله تعالي :"لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ " صدق الله العظيم .

ولان علي عبدالله صالح كان يبلور مشروعه السياسي في الحكم على قواعد التكامل فقد أدرك أن بناء سد مأرب وما يمثله من استحضار لتاريخ الإنسان اليمني ، لم يكن كافياً فعمد إلى الربط بين الماضي والحاضر فاتجه نحو بناء الاقتصاد الوطني من خلال العمل على استخراج النفط من ذات المحافظة التي أعاد فيها بناء سد مأرب ليشكل ذلك صورة للمزج بين الزراعة كمقوم اقتصادي وأساسي وتاريخي للإنسان اليمني وبين النفط كمنتج اقتصادي مستقبلي للمضي في عملية التنمية البشرية والاقتصادية للوطن .

علي عبدالله صالح لم يكتف بذلك بل أدرك أن بناء الإنسان هو الثروة الأساسية في نهضة أي وطن ،فاتجه لإحداث نهضة تعليمية استطاعت أن تزيل كل أثار وأساليب الماضي الأمامي الكهنوتي الذي حكم الناس بالجهل ،وعمل على إنشاء المدارس والجامعات في كل ربوع الوطن سواء قبل إعادة تحقيق الوحدة أو بعدها ،وأصبح التعليم الأساسي مجانياً والزامياً وحقاً إنسانياً لكل مواطن يمني لتبدأ بذلك صورة النهضة الحقيقية للوطن في التبلور بشكل كامل ،وأضحى اليمنيون جزءاً من قاموس المعرفة الإنسانية والبشرية أسوة بأقرانهم من بني البشر في كل بقاع الأرض .

وبعقلية السياسي المنفتح وحكمة القيادي ورجل الدولة ذهب علي عبدالله صالح ليرسخ مشروعه السياسي في بناء اليمن ،عبر العمل على تجسيد مبدأ الشعب مالك السلطة ومصدرها فعمل على إشراك الشعب في صناعة واتخاذ القرار واختيار من يمثله في الحكم سواء أكان ذلك عبر الحوار الوطني وإشراك مختلف القوى السياسية والأفكار المتباينة والرؤى المتنوعة في صياغة الميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام-في شمال الوطن سابقاً- كإطار سياسي يمني جامع لكل القوى السياسية التي كانت تمارس عملها في إطار أقبية السرية ،محتوياً بذلك المختلفين ،ومنهياً بذلك الخوف من الحزبية المحرمة،ومجسداً بذلك مبدأ الشراكة الوطنية ،والقبول بالأخر ورفض الإقصاء والتهميش ،قبل أن يمد مشروعه ذلك إلى البدء في تكوين المؤسسات الديمقراطية البرلمانية والشوروية التي بدأت في شمال الوطن بانتخاب مجلس الشورى العام 88م،لتمتد بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية إلى انتهاج نظام التعددية السياسية والحزبية والنظام الديمقراطي القائم على انتخاب الشعب لحكامه وممثليه في البرلمان فتكون أول مجلس نواب منتخب لليمن الموحد عام 93م ،ثم تكون مجلس شورى كغرفة تشريعية أخرى،واللتان مثلتا مؤسستين رقابيتين على أداء الحكومة وعملها ،وصولا إلى إحداث تعديلات دستورية تم بموجبها انتخاب رئيس الدولة من قبل الشعب في انتخابات تنافسية كانت أولاها العام 99م والثانية عام 2006م ،مرورا بالتأصيل الدستوري والقانوني للحكم المحلي ومنح الشعب المزيد من الصلاحيات في انتخاب ممثليه عبر المجالس المحلية ثم بانتخابات محافظي المحافظات التي مثلت أول تجربة من نوعها في المنطقة العربية .

ولم يقف الأمر عند ذلك ففد شهد عهد علي عبدالله صالح في حكم اليمن ولأول مرة منح المرأة حقوقها في مختلف المحالات وفي المقدمة حقها في المشاركة في الحياة السياسية ،فأصبحت المرأة تتبوأ مناصب في مختلف مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وأضحت برلمانية ووزيرة وسفيرة وانخرطت مساهمة في بناء الوطن في مختلف المحالات .

ومضى علي عبدالله صالح في استكمال مصفوفة مشروعه السياسي في بناء الوطن عبر تعزيز وتأصيل دستوري وقانوني ضامن لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والصحافة وإتاحة المجال أمام منظمات المجتمع المدني في عملية البناء والمشاركة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والتنموية وشهدت حرية التعبير والصحافة وعمل منظمات المجتمع المدني تطوراً غير مسبوق في عهد علي عبدالله صالح الذي ظل يؤكد أن حماية الديمقراطية لا يكون إلا بمزيد من الديمقراطية وإتاحة المجال للناس للتعبير عن أرائهم وتوجهاتهم وممارسة حقوقهم في النقد للسلطة .

ولم يكن سعي علي عبدالله صالح الدؤوب والمثابر لإعادة تحقيق وحدة الوطن وإنهاء سنوات من التشطير البغيض والصراعات الدموية ،عبر استكمال مسار الحوارات الوحدوية وتقديم التنازلات ،وصولا إلى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م ،سوى تتويج لمشروعه السياسي ومنجزاته ،ليحقق لليمنيين أعظم أهداف ثورتهم المباركة سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ،بما مثله ذلك من إعادة اليمن كحضارة ودولة وشعب إلى المسار الطبيعي للتاريخ والجغرافيا ،فأصبحت الوحدة اليمنية نقطة مضيئة في سماء الأمة العربية التي شعرت بإمكانية تحقيق حلمها في الاتحاد انطلاقا من مهد العرب الأول اليمن ،فضلا عما مثله ذلك من أن يصبح لليمن الموحد ثقله الجيوسياسي والأمني في المنطقة والعالم.

ولان الوحدة اليمنية التي كان لعلي عبدالله صالح شرف إعادة تحقيقها إلى جانب شركائه في الحزب الاشتراكي اليمني مثلت عامل أمن واستقرار للمنطقة فقد عمد علي عبدالله صالح إلى تقديم تجربة جديدة في حل الخلافات مع الجيران عبر الحوار فعمل على إنهاء مشاكل الحدود بين اليمن وجيرانه عبر مبدأ التفاوض والحوار وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار، فتم ترسيم الحدود اليمنية السعودية ،والحدود اليمنية العمانية ،وكذا الحدود اليمنية البحرية مع اريتريا بعد احتلالها لجزيرة حنيش وإصرار علي عبدالله صالح على حل تلك الأزمة عبر التحكيم الدولي الذي حقق لليمن انتصاراً تاريخياً وأكد سيادته وحقه في تلك الجزر .

ورغم كل ما ذكر أنفا إلا أن الأهم هو أن علي عبدالله صالح كان الرئيس اليمني الوحيد الذي استطاع أن يحقق لليمن استقلالية قراره الوطني والسياسي منذ ثمانينيات القرن الماضي، بحيث أصبح ذلك القرار معبراً عن مصالح وطموحات ومواقف الشعب اليمني بعيداً عن أي تدخلات خارجية.

ويمثل إصرار علي عبدالله صالح على تحقيق مبدأ نقل السلطة سلميا وديمقراطياً عبر الرجوع إلى الشعب في انتخاب رئيس جديد ،وتسليم السلطة سلمياً إلى خلفه عقب أزمة العام 2011م ،أهم انجاز اختتم به علي عبدالله صالح عهود حكمه الثلاثة لليمن ،مرسخاً بذلك مبدأً ظل بعيداً عن الفكر السياسي اليمني لعقود طويلة ،ومقدماً بذلك تجربة هي الأولى من نوعها في المنطقة ،حيث كان مشهد علي عبدالله صالح وهو يسلم السلطة إلى خلفه عبدربه منصور هادي في فبراير من العام 2012م وأمام مرأى العالم ،حدثاً تاريخياً سيسجل بأحرف من نور في تاريخ اليمن المعاصر وتاريخ علي عبدالله صالح الوطني والسياسي.

وختاماً يمكن القول إن علي عبدالله صالح حتى وبعد أن سلم السلطة ،فانه لا يزال في قلب المعترك وفي عمق المشهد الوطني من خلال المؤتمر الشعبي العام وما يمارسه اليوم من نضال وطني وما يقدمه من رؤى ومواقف ومشاريع قائمة على الحرص على الوحدة اليمنية ،وبناء اقتصاد وطني قوي ،وحماية المكاسب والمنجزات الوطنية التي تحققت على مدى ثلاثة وثلاثين عاماً مضت من تاريخ اليمن .
رئيس تحرير موقع المؤتمرنت
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)