يمن موبايل تنظم حفل استقبال وتوديع مجلس إدارتها    شركة يمن موبايل توزع عائدات حملة دوائي السادسة للأطفال المرضى بسرطان الدم    برعاية السلطة المحلية البورد العربي يدشن برنامج اعداد المدرب المعتمد في دمت   يمن موبايل تختتم فعاليات اسبوع اليتيم العربي بيوم ترفيهي لطلاب دار الايتام    وزارة الاتصالات تعمم بتطبيق قانون صندوق مكافحة السرطان   بطولة النصر الشتوية بدمت تواصل نألقها والريادة يحصد نتيجة اليوم التاسع للبطوله   مقاضاة مسئولة سابقة بتهمة التخابر مع صنعاء    شركة يمن موبايل تدشن الخطة الإستراتيجية 2019-2023م   لاعب منتخب الطاولة جبران يحرز بطولة البحرين الدولية للناشئين والأشبال    تعيين الاستاذة/ أم كلثوم الشامي مديرا تنفيذيا للمدرسة الديمقراطية   
الثلاثاء, 27-أكتوبر-2009
شبكة أخبار الجنوب - زياد ابو شاويش - كاتب سوري زياد ابو شاويش -
في الحقيقة أنا لم أختر هذا العنوان لما أردت الحديث حوله بل أوحى به لي شاب يمني يافع يبلغ 16 سنة خلال حوار دار بيني وبينه من خلال الشبكة العنكبوتية وقد سررت للغاية بل وشعرت بالطمأنينة تجاه رسوخ وحدة اليمن على أسس يمثل الشباب اليمني أهمها وأكثرها أماناً وضمانة، وقبل أن أتطرق لما دار بيني وبين الشاب اليمني حول موضوع الوحدة لابد أن نعود للوراء قليلاً حين كانت إرهاصات الوحدة تتصاعد بين مد وجزر، بين متفائل يرى فيها نتيجة حتمية لتاريخ وثقافة وتطورات غيرت الواقع وهيأته لاستقبال نموذج طال انتظاره لعودة الوطن اليمني موحداً وقد تجاوز مئات السنين من التشطير والظلام، وبين متشائم يرى استحالة الجمع بين نظامين نقيضين في وطن بنظام لا يملك محددات القبول من طرفي المعادلة حتى لو اجتهد في ذلك كل الفلاسفة والمنظرين ومعهم القانونيون في كلا الشطرين الشمالي والجنوبي.

هناك آخرون نظروا إلى القضية على خلفية اجتماعية وتاريخية تلامس في صيرورتها حد البداهة وأن كل تنظير ينطلق من أيديولوجيا معينة مهما كانت لن يجعل الأمور أيسر أو أصعب وأن كل المسألة تعود لقرار تتخذه القيادة في الدولتين الشمالية والجنوبية ليس أكثر.

وكما نلاحظ فقد تعرضت فكرة الوحدة وبعد ذلك نماذجها المختلفة لكم هائل من التنظيرات والتوقعات والاجتهادات كما التعقيدات ومحاولات وضع العراقيل في طريقها من جانب الدول الاستعمارية التي حكمت اليمن في اماراته ومشيخاته الجنوبية على الأقل، وكلنا نتذكر اليوم المحاولة الأبرز في هذا السبيل المتمثلة فيما سمي حينها باتحاد الجنوب العربي الذي رعت بريطانيا الاستعمارية ولادته وحاولت ترسيخ مناخ وهمي حول استقلالية الشخصية لهذا الجنوب عن مجاله الطبيعي وفي نيتها قطع الطريق على أي محاولة أو تفكير في دمج الجنوب مع الشمال وجسر تاريخ طويل من القسمة الاستعمارية للوطن اليمني وللشعب اليمني.

كانت الدول الاستعمارية تعرف توجهات الساسة والمناضلين اليمنيين وأحلامهم تجاه وطن تندمج فيه مكونات الشخصية اليمنية وبنيتها بكل أركانها لتعيد ما انقطع عبر عصور الظلام الاستعمارية وأنظمة في الشمال والجنوب أبقت بلادهم في العصور الوسطى حتى أمد قريب، لذلك وبنظرة سريعة لتلك الارهاصات سنجد فيها مجموعة متنوعة من السلبيات لا تبدأ بالحرب المفتعلة بين الشطرين ولا تنتهي بتنظيرات عملاء الاستعمار حول الاستحالة الايديولوجية أو الاقتصادية أو غير ذلك من العراقيل التي يمكن وضعها في وجه تحقيق الهدف الكبير.

وللأمانة الفكرية لابد أن أتوجه بالشكر للكاتب المتميز السيد أحمد الحبيشي على أطروحته العميقة والغنية حول عنوان مهم للغاية في هذا الاطار هو “ الوحدة اليمنية وسؤال الهوية “ والذي استفدت منه كثيراً لفهم الوضع اليمني عشية وغداة تحقيق الوحدة وعلى سبيل المثال فقد ذكر الاستاذ الحبيشي في القسمين الرابع والخامس ما يلي: “ لم يكتسب يوم الثاني والعشرين من مايو أهميته الوطنية من كونه اليوم الذي أنهى فيه شعبنا واقع التشطير الجغرافي والسياسي الذي انقسمت البلاد في ظله إلى دولتين ونظامين، بل إنه بالإضافة إلى ذلك جاء تتويجا لنضال طويل خاضته الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة، من أجل استعادة حرية الوطن والإنسان، والقضاء على كل القيود التي تحول دون تطوره الحر والمستقل“.

وقال: “ وقد ارتبط ظهور تلك الدولتين بدخول اليمن مرحلة خطيرة من الاستقطابات الإيديولوجية الحادة ، والصراعات السياسية المتواصلة ، والحروب الأهلية الدامية ، و صولاً الى المواجهات المسلحة بين الشطرين ، الأمر الذي ألحق ضرراً جسيماً بالمصالح الوطنية العليا للشعب اليمني ، وأفسح المجال لقيام كل من الدولتين بـتـقـنـين عدد من الإجراءات والضوابط والقيود التي تمس الحريات العامة والحقوق المدنية للمواطنين ، وتصادر حرية تنقل الأفراد والمنتجات الوطنية والمطبوعات والصحف والمجلات والكتب اليمنية بين الشطرين ، فيما جرى بصورة متبادلة إحاطة تلك الأوضاع الشاذة بمناخ متوتر اتسم بالنزوع الى إضفاء الطابع الإيديولوجي الصرف على التمايزات الشطرية “. وحتى نكمل المعنى الذي أردنا إيصاله إلى القاريء على هذا الصعيد نضيف جملة أخرى من طرح السيد الحبيشي المتميز وتقول: “ لم يكن هذا التفكير الذي عمل على تعريف الوحدة بواسطة نفيها حكراً على شطر دون الآخر ، بل إنه كان سمة مشتركة للتفكير السياسي القديم في كل من الشطرين إزاء قضية وحدة الوطن “.

أردنا من ذلك الاقتباس الطويل نسبياً للحبيشي أن نوضح حجم التعقيدات والصعوبات التي واجهت أولئك الرواد الأوائل من جيل الوحدة الذي أنجز ثورة أكتوبر في الجنوب وثورة سبتمبر في الشمال وكم كانوا صادقين وشجعاناً في سعيهم للوحدة وحجم العقبات التي تجاوزوها للوصول لذلك اليوم الأغر من مايو عام 1990، ومن بعدها كذلك حجم العقبات والتعقيدات التي واجهت الوحدة بما فيها انقلاب المواقف بل والمفاهيم وعودة ذات المناخ لتبرير إعادة التشطير للوطن اليمني تحت ذرائع مختلفة وفي ذات السياق الدوغمائية التي تتسم بها بعض مواقف المنادين ببقاء الوحدة بأي ثمن وبكل ثمن. إن معظم ما قيل عن معوقات الوحدة في السابق كان هرطقة فكرية أو تنظيراً مدفوع الأجر من جانب الاستعمار وبعض أعوانه والمنتفعين من بقاء نفوذه في اليمن، واليوم فإن الشيء ذاته يمكن قوله حول ما يطرح من مبررات للانفصال من جديد أو إعادة عجلة التاريخ للوراء، تماماً كمعظم ما يقال حول فرض الوحدة بالقوة وخارج شروط تحقيقها الطبيعية والمتوفرة في اليمن على كل ما به من مشاكل وصراعات.

ونعود الآن للشاب اليمني الذي يمثل من وجهة نظري الجيل الثاني للوحدة، هذا الجيل الذي ولد وتربى في ظل الوحدة، ولم يعش فترة الارهاصات ولا انتكاسات التجربة في سنواتها المبكرة.

الشاب من عدن وقد سألته عن الحراك الجنوبي وعن سر تصاعد موجة الاحتجاجات والمطالب الجنوبية فيما يخص الانقلاب على الوحدة أو المطالبة بحقوق ضائعة، وكانت دهشتي بل وسعادتي كبيرة حين اعتبر ما يجري في الجنوب وخاصة ما يتعلق بمطلب الانفصال نوعاً من العبث الذي لا طائل من ورائه وحين ركزت سؤالي على سبب اندفاع الناس خلف تلك الشعارات والخروج بمظاهرات كبيرة في ولايات عديدة بالجنوب قال إن ذلك يعود للخداع الذي يمارس على هذه الجماهير، لكنه قال أن هدوء عدن يرجع لما تفرضه الحكومة عليها من حراسات يصعب اختراقها من قبل المحرضين وأن أهل عدن وحدويون ولا يرغبون في الانفصال، وأكمل أن عملية الانفصال لا يمكن أن تنجح في ظل نسبة غالبة من الشباب اليمني أو الجيل الجديد ممن لا يعرفون اليمن إلا موحداً وبشعبه المتجانس على مدار التاريخ. كما نرى فإن الوحدة اليمنية بارهاصات ما قبل الوحدة وبعقبات وعراقيل ما بعد الوحدة تتجه نحو الثبات وليس التغيير وأن كل ما يجري يأتي في سياق طبيعي لصراع سياسي إجتماعي سببه عدم وجود نظام ديمقراطي تعددي يتم فيه تداول السلطة بانتظام وتوزيع الثروة بطريقة منصفة وينتهي فيه الفساد، وليس بسبب الوحدة التي من دونها لا يمكن أن يتطور اليمن باتجاه الحرية والديمقراطية والحداثة كما قال الكاتب أحمد الحبيشي.

الوحدة في أيدي الجيل الجديد أمانة لن يفرطوا بها لألف سبب وسبب ومن هنا ندعو ككل الناس الحالمين بيمن عصري متطور وديمقراطي إلى إفساح المجال لهؤلاء ليتقدموا الصفوف وهذا لن يكون بدون مبادرات وبرامج تنهي احتكار السلطة والثروة من أجل اليمن.

* كاتب سوري
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسال
طباعة
RSS
إعجاب
نشر
نشر في تويتر
اخبار اليمن


جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة أخبار الجنوب)