الجمعة, 10-يونيو-2011
شبكة أخبار الجنوب - احمدغيلان احمدغيلان - شبكة اخبار الجنوب -
لا أعتقد أن صحفياً أو إعلاميا انتقد أداء أجهزة الأمن و الشرطة ومعالي وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري كما انتقدته في كتابات و تصريحات و برامج تلفزيونية و فعاليات جماهيرية عديدة و في مناسبات  غير سارة عديدة .. و رغم كثرة تناولاتي لأجهزة الأمن و وزارة الداخلية و شخص الوزير المصري ، إلاَّ أني لم أشعر ذات يوم أني محاط بخطر من ذلك الذي يدعيه كل من هب و دب أو كتب سطرا أو مقالاً مرتعشاً أو شائعة التقطها من هنا أو هناك ، و ما إن  تخرج من حنجرة قلمه تلك التغريبة حتى تنهال عليه و حوله و منه بيانات التنديد بــ لعنات المقص و رقابة المخبرين و ملاحقات العسس و اعتداءات المعتدين الظاهرين و المستترين و المتنكرين بأزياء و هيئات مختلفة .. ( و الحديث  السابق عن أزمنة ما قبل وصفة  اكتشاف الأمن المركزي و الحرس الجمهوري  بزي مدني ) ...
و أذكر أن أحد قيادات المعارضة أخذ بيدي ذات يوم إلى جانب من ساحة الديمقراطية - أمام مجلس الوزراء - و همس في أذني – على طريقة المناضلين المخضرمين – قائلاً : ( لا تتطرَّف ) ..  و كان ذلك عقب كلمة شاركت  بها في فعالية  تضامنية أقيمت لصالح أحد المتضررين من الحوادث الأمنية ، في فترة شهدت البلاد فيه انفلات أمني مخيف .. و كان ذلك الحدث في إطار التظاهرات السلمية التي كنا نقيمها كل ثلاثاء بالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء .. (و الحديث هنا لا يزال عن أزمنة ما قبل اعتصامات المبندقين .. و براءة اختراع الفوضى .. و.الزحف السلمي و الاحتلال السلمي و الحرب الشاملة السلمية السلمية ) ..
 و ما أكثر الاتصالات و النصائح التي كنت أتلقاها من أصدقاء و زملاء و معرف في السلطة و المعارضة و ما بينهما عقب كل مادة أو تناولة حادة  أتطرق فيها -  بالنقد الحاد - لوزير أو مسئول كبير أو قائد عسكري أو محافظ أو متنفذ أذكره بالاسم و الصفة  و الوثائق و الصور و كثير من التفاصيل ( و هو ما لم يكن يفعله إلاَّ القلة القليلة من صحفيي المعارضة و حتى قياداتها التاريخية ) التي تناولت كثيرا من قشور المخالفات و الأخطاء و الممارسات العبثية في أجهزة و مؤسسات الدولة ، و قليلاً ما غاصت في العمق أو نشرت وثيقة أو تطرقت لمسئول بالاسم و الصفة .. و غالبا ما كانت تناولات و انتقادات المعارضين تنسب كل جريرة تقع عليها أو تتصيدها أو حتى تختلقها لــ ( النظام الفاسد ) و هي تسمية  تلقي بالمادة الصحفية إلى نهاية تشبه النهاية  التقليدية المقيتة لملامح الجريمة التي ينتهي التحري حولها باللازمة المايعة ( قيدت ضد مجهول ) ..  طبعا لا يزال  الحديث رجعياً إلى ما قبل تعميم مسمى ( بلاطجة النظام ) ..
لست مضطراً و لا محتاجاً  لتبرير جلافة  اللغة التي كنت  - ولا أزال و سأظل بإذن الله - أسوق بها كل قصور أو اختلال في أداء مسئول ، أو اعوجاج في سلوك متنفذ قد  يضر – أو يسهم أو يتسبب في الإضرار - بمصلحة الوطن  و المواطن ، على أني أكن كل التقدير لشخوص من انتقدتهم ، او  يمكن أن أنتقدهم اليوم أو غدا ً إن كان في العمر غد .. ولست هنا أدون اعتذاراً لأحد ممن طالتهم كتاباتي الحادة ، و أحدهم معالي وزير الداخلية اللواء مطهر المصري ، لكني بصدد تدوين شهادة للتاريخ و للرجل المسئول و اللواء الشجاع الذي ظل يطمئنني وجوده داخل مبنى وزارة الداخلية طوال معظم – إن لم يكن كل -  تلك الأيام التي شهدت مواجهات الحصبة بين أجهزة الأمن و عصابات أولاد الأحمر ، بما في ذلك  الأيام التي كان يعلن فيها طابور شائعات السوء سقوط وزارة الداخلية ..
نعم كانت هنالك صعوبات في التواصل مع كل من يتواجد في الحصبة أو محيطها ، و أصعب من ذلك التواصل مع بشر على قيد الحياة في وزارة الداخلية التي قصفها أولاد الأحمر و عصاباتهم بكل أنواع الأسلحة ليس مرة و لا مرتين و لا عشرين ، بل مئات المرات ، و كل يوم من أيام الدمار كانت مباني الداخلية و منشآتها تنال النصيب الأكبر ، و قد نالت أكبر نصيب من الدمار في مبانيها العلوية و منشآتها السطحية ، لكن الأصعب من ذلك  كله كان البقاء داخل الوزارة و صد محاولات السيطرة عليها ، لكن ذلك لم يكن مستحيلاً على رجال الأمن الأبطال الذين صمدوا و قاتلوا تصدوا لكل المحاولات المستميتة ، و جعلوا من دخول عصابات أولاد الأحمر وزارة الداخلية أبعد من كل مستحيل رغم الظن الخائب أنه من أمكن الممكنات ، بل إنهم أعلنوا أكثر من مرة أنهم سيطروا عليها و اقتحموها ، و كان كثيرون ممن يتابعون الموقف عن قرب أو عن بعد يصدقون ما تعلنه وسائل  الإعلام المضللة و شائعات إخوان الشياطين ، و تداولات المرتعشين .. لكن رجال الله و الوطن كانوا يبعثون كل يوم و كل ليلة و كل ساعة رسالة تطمين و تأكيد على الصمود و التحدي و التصدي ..
 أذكر أني ذات ليلة  أردت أن أطمئن على من بالداخل أثناء مكالمة قصيرة مع أحدهم ، سألته إن كان لديهم ما يكفي للصمود من الرجال و العتاد ، فأجابني بأن كل شيء موجود و اللواء موجود ... وهو بالتأكيد لا يقصد لواء من ألوية الجيش ، بل يقصد اللواء مطهر رشاد المصري وزير الداخلية ، الذي شارك أبطال الأمن استبسالهم و استمات معهم لتحصين الداخلية من وباء الغطرسة و الغرور و السطو و الاستباحة ، و ظل يطلب الاستشهاد خياراً يسبق خيار اقتحام المجرمين وزارة الداخلية ..
لقد كان المصري أكثر من لواء بكامل عتادها يشد أزر الرجال الأبطال الصامدين و يسطر معهم بطولة التصدي لأمطار من الرصاص و القذائف التي تنهال من عدة جهات بوحشية و قسوة و همجية ،  و من تحت القصف و الحصار كان اللواء المصري يقود العمل الأمني في عموم المحافظات من غرفة عمليات داخل مبنى وزارة الداخلية ، و لم يغادرها إلاَّ و هي آمنة محمية ممنوعة من السطو ، و تلك واحدة من خبايا المواجهة التي ستظل كثير من أسرارها طي المخابئ حتى حين  ..
نعم إنها المواقف التي تكشف معادن الرجال .. و إنها الفتن التي تهلك المنافقين .. و تسقط أقنعة الزائفين .. و لا عزاء لمن ارتعشت أقدامهم و قلوبهم من قذائف و رصاصات الهمج و شائعات الطابور الخامس و أكاذيب مشعوذي سهيل و أمهاتها من قنوات العرب و العجم ..
 
 
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 11:02 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.alganob.net/g/showdetails.asp?id=6906